د. عبدالواحد الحميد
قبل حلول عيد رمضان المبارك بساعات، وحين كان المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يبتهلون إلى الله أن يتقبل صيامهم وقيامهم وصالح أعمالهم ويستعدون لاستقبال العيد، يَنْسَل أحد التكفيريين الأشقياء الداعشيين إلى ساحة الحرم النبوي الشريف ويُفجر نفسه وسط عددٍ من الأشخاص الذين ساقتهم الأقدار ليكونوا هناك في موقع التفجير فيقتلهم ويقتل نفسه!!
ويتزامن ذلك مع تفجير آخر في مدينة جدة، وثالث في القطيف، ولا يعلم إلاّ الله كم سيحدث من التفجيرات الآثمة في أمكنة كثيرة من العالم على يد هؤلاء الدواعش من الآن حتى وقت نشر هذا المقال..!
وقد حدثت كل هذه التفجيرات بعدما استفاق الناس من هول التفجيرات والعمليات الإرهابية التي وقعت في مطار اسطنبول قبل العيد بحوالي أسبوع، وقبل ذلك العملية الرهيبة التي لا يتصور حدوثها أي إنسان مهما شطح به الخيال، وهي جريمة قتل التوأمين الداعشيين لوالدتهما في حي الحمراء بالرياض والاعتداء على والدهما وشقيقهما..!
هؤلاء الدمويون الأشرار الذين يجتاح شرهم كل بقعة من العالم لم يسئ أحدٌ إلى الإسلام مثلما أساؤوا حتى أن الإنسان المسلم أصبح موضع شبهة واتهام أينما حل بسبب ما أحدثوه من سمعة سيئة للإسلام. وقد شاهدنا في اليوتيوب ما حدث لأحد المواطنين الإماراتيين في أمريكا لمجرد ارتدائه الملابس العربية التقليدية أمام أحد الفنادق مما جعل موظفة الاستقبال في الفندق تشتبه بأنه داعشي وتستدعي الشرطة التي ألقت القبض عليه بطريقة وحشية ومُذلة. إلى هذا الحد وصلت بنا المهانة نحن المسلمين بسبب حماقات وجرائم داعش!
لقد أصبح «الإسلام» في أذهان مئات الملايين من البشر في العالم مترادفاً مع العنف والدم والكراهية، وصاروا ينظرون إلى الإسلام بوصفه خطراً يهدد الحضارة الإنسانية وما انتجته البشرية من تقدم على مدى آلاف السنين..!
ومع بالغ الأسف، نجد بيننا من يستهين بنظرة الآخرين المستريبة إلى الإسلام وكأننا لسنا جزءاً من العالم ونستطيع أن نعيش في عزلة عن هذا العالم الذي نستورد منه كل ما نستخدمه من منتجات عصرية ضرورية لاستمرار حياتنا اليومية، بل حتى طعامنا وكساءنا ودواءنا نستوردها من الخارج بشكل شبه كامل!!
لقد أراد الدواعش أن يكون رمضان شهراً دموياً وأن نستقبل العيد بالدموع والأسى، وما لم نستيقظ من سباتنا فإن القادم - لا سمح الله - قد يكون أمرَّ وأدهى، فنحن ما زلنا نتجادل حول أساسيات مبدئية واضحة حول هذا التنظيم ونتبادل الاتهامات العريضة بينما داعش منهمكة في القتل والإساءة إلى الإسلام.