د.عبدالله الغذامي
تلقى الكاتب والمعجمي الرائد صامويل جونسون مقالة كتبها أحد نبلاء ذاك الوقت يطلب من جونسون تقييمه لها، فرد عليه يقول : ( سيدي ...مقالتك تجمع بين الأصالة والجودة ، غير أنها حين تكون أصيلة لا تكون جيدة ،وحين تكون جيدة لا تكون أصيلة ) ولم يفهم الرجل النبيل مقاصد جونسون ، على أن مقصد جونسون هو أمر يشيع كثيرا في أعمال كثيرة من مقالات وروايات، بل وفي بحوث، وذلك حين يختلط الجيد بالرديء، ويكون الجيد مقتبسا من مصادره كاستضافة معرفية، أي أن الكاتب يستجلب أفكار غيره وهي أفكار مستقرة في الثقافة ولها ثقلها وقوتها المعرفية والفكرية ،ويعتمدها الكاتب ليجعلها قوة له يستند عليها، وهذا مسلك علمي وإيجابي، غير أن الخلل يأتي حين يشرع الكاتب بجمل من إنشائه وهنا تأتي الرداءة، وإن كانت جمله هذه أصيلة، أي ليست نقلا ولا استيرادا، لكنه رديئة ومن هنا يكون هذا النوع من الكتاب قد جمع بين أصالة هي صادرة عنه ولكنها رديئة ،وجودة هي لغيره ولذا فليست أصيلة في موقعها عنده بما إنه استوردها من غيره. وهذا ما حاول جونسون أن يوصله للنبيل الذي يملك نبالة الوجاهة الاجتماعية ويريد أن يتممها بنبالة ثقافية لولا أنه خلط بين مستويات تظهر رداءته وتكشف فروق المستوى بين المقتبس والمنتج .