سعود عبدالعزيز الجنيدل
لا يخفى على القارئ اعتماد النحاة وغيرهم على الشعر في تقعيد القواعد النحوية وهو أحد الركائز الأساسية الذي قام عليها النظام النحوي، وقد قاله عنه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عليكم بالشعر فإنه ديوان العرب.
قال النابغة:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا
إلى حمامتنا أو نصفه فقد
هذا البيت للنابغة قاله في معلقته - بعض العلماء يعدها من المعلقات- وهو من الشواهد النحوية التي يحتج بها على قضية في النحو، وأيضا يدل على فطنة فتاة الحي، - زرقاء اليمامة- التي استطاعت أن تعد الحمام في لمح البصر، ولا يخفى على القراء المقدرة العجيبة التي كانت تتمتع بها زرقاء اليمامة.
والبيت - كما أسلفنا - من قصيدة للنابغة، يخاطب بها النعمان بن المنذر ويعاتبه ويعتذر إليه مما اتهم به عنده.
والآن لنعرج على أبيات من القصيدة، لكي نفهم الشاهد الذي سقناه سابقا.
فاحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت
إلى حمام شراع وارد الثمد
يحفه جانبا نيق وتتبعه
مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا
إلى حمامتنا أو نصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما ذكرت
تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
نظرت زرقاء اليمامة - كما جاء في الخزانة للبغدادي- إلى حمام مر بها بين جبلين وكان عدده…....فتمنت مثل مقدار هذا الحمام ونصفه، فإذا حصل لها ذلك فقد كفاها وأغناها.
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا
إلى حمامتنا أو نصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما ذكرت
تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
والقضية اللغوية فيه:
جواز إعمال ليت أو إهمالها إذا دخلت عليها ما، لأن البيت روي برفع الحمام على أنه بدل من «هذا»، وفي هذه الحال تكون ما كافة.
وروي بنصب الحمام على أنه بدل من «هذا»، التي وقعت اسم ليت، وهنا تكون ما زائدة، وليت عاملة عمل إن.
والإعراب يكون أحد وجهين:
هذا: مبتدأ
إذا اعتبرت ما كافة.
أو
هذا: اسم ليت، وذلك إذا اعتبرت ما زائدة.
والحمام هو على كل حال بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان عليه.
يتبادر إلى ذهني سؤالان:
كم كان عدد الحمام الذي رأته زرقاء اليمامة؟
وكم سيُصبِح مع ما تملكه ؟
لا يلزم أن تكون نحويا لكي تعرف الإجابة…
إلى اللقاء