أحمد المغلوث
بات رفيقه الذي يحمله معه إلى كل مكان في البيت والعمل والسيارة وحتى في المسجد لكنه كان يحرص على أن يكون في وضعية (الصامت) تحسس جيبه أكثر من مرة لم يجده.. لقد كان موجوداً قبل فترة. لا حول ولا قوة إلا بالله وين راح. صار له جناحان وطار رددها بينه وبين نفسه أكثر من مرة.؟! دخل مكتبه.. تلفت ذات اليمين وذات الشمال عساه يراه بين كتبه ومجلاته وحتى الصحف التي يتصفحها. أين اختفى هذا الجهاز اللعين الذي أصبح لا يستغني عنه.. تقول دبوس.. كان الله في عون زوجته كم مرة جاءت إلى مكتبه لتقوم بترتيبه. لقد تعبت معه طوال العقود الماضية. هي ترتب وتنظم وبعد ساعة أو أكثر يعود الحال كما كان.. مكتبه عبارة عن (سوق حراج) مصغر. لكنه تعود عليه وعلى الفوضى.. تساءل: هل يا ترى أخذته حفيدته الصغيرة (كندة) عندما كان في صالة البيت أم حفيده الآخر حمودي.. كلاهما باتا عاشقين لعالم تطبيقات الألعاب وما أكثرها في هذا الجهاز وغيره.. ابتسم وهو يتذكر حبوبته كندة وهي تأتي إليه مرددة وبدون أحم ولا دستور (بتاتسس) فربما عندما كان يناولها (البتاسس) حملت آيفونه وراحت تلعب به.. أو ربما حمودي جاء باكيا بحثا عن آيفونه ليكمل لعبته. فوجده عندما كان بعيدًا عنه فوالده لم يسمح له باللعب في جهازه.. وراح يبرر ويعلق أسباب الاختفاء. ابتسم.., اتسعت الابتسامة أكثر وصارت بحجم المنزل. وشعر باطمئنان اكيد عن حمودي. راح ينادي: حمودي حمودي. وإذا بحفيده عبد العزيز يقبل باسما وبوجهه المشرق وهو يقول: أبوي حمودي راح بيتهم. آمر أبوي. فرد عليه وهو يربت على كتفه الصغير بحنان ياحبيبي كنت أدور على جوالي. قلت ممكن حمودي أخذه يلعب فيه كعادته.. أو «الحلوة كندة» فرد لا حمودي ولا كنودي ما معهما جوالك.. وأردف بسيطة اتصل بخالتي « أسماء» وتطلعه لك من خلال التطبيق يمكن أنك حاطه على الصامت. والتطبيق يخليه يرن ويرن وتسمعه. وبعدها تعثر عليه؟! تطلع اليه فرحا وفي ذات الوقت مندهشا.. متأكد يا ولدي من كلامك.. فنظر إليه بثقة وقال. طبعا متأكد. ما دام جوالك آيفون ثق إن شاء الله تحصله الليلة. بس لا تنساني أبوي من الحلاوة. أبغاها مع العيدية تكون كبيرة.. وشعر الجد بسعادة وهو يستمع لكلمات حفيده ومطالبته بـ»الحلاوة» بعد العثور على جواله. وقال له أبشر يا ولدي.. أمسك بيده واتجها معا إلى الصالة ومن هاتف المنزل اتصل بابنته وحكى لها قصة فقده للجوال.. فردت: عطني خمس دقائق وإنشاء الله تسمعه يرن؟! وما هي إلا دقائق وإذا بصوت نغمات «جرسية» متتالية تضج بالمكان قادمة من تحت مرتبة مقعد الصالة.. والنغمات (الرنانة والطنانة) تكاد تمد اليه أناملها لتخبره بوجود. مد يده وتناوله وانحنى على حفيده وراح يحتضنه بحب..؟!
تغريدة: عندما نكبر ونبدأ في تذكر حماقاتنا نكتشف حقيقة أننا الآن بتنا أكثر عقلانية وحكمة.؟!