د. عبدالرحمن الشلاش
باتت الأسر السعودية اليوم تحديداً وأكثر من أي وقت مضى مهددة بقوة من داخلها.
كانت الأحداث الإرهابية طيلة السنوات الماضية تدور حولها في نقاط التفتيش والتجمعات العامة وأماكن تواجد الجاليات الأجنبية وحتى في المساجد. الخطر حالياً انتقل إلى داخل الأسرة وإلى عمقها. شاب مغيب يقتل خاله غدراً رغم أن خاله المغدور أكثر من أحسن إليه وإلى والدته. وشاب يغدر بابن عمه، وشابان يقتلان والدتهما «حلوة اللبن» عمداً وغدراً! هل دار في خلد أي واحد من هؤلاء المغدورين - رحمهم الله جميعاً وأبدلهم داراً خيراً من دارهم أن نهاياتهم الحتمية ستكون على أيدي أقرب الناس لهم ومن لحمهم ودمهم؟ ماذا حدث, هل انقلبت الموازين؟ هل أصبح الناس أشراراً وقلوبهم قاسية؟ إذا لم يكن الأمر كذلك فما الذي حدث؟
المؤكد أن داعش الإرهابية - وهذه حقيقة مرة - تمكنت من النفاذ إلى داخل البيوت، مستفيدة من عوامل أدت إلى نجاحها في مهامها، ومن تلك العوامل انشغال الآباء والأمهات عن أبنائهم، وربما قضاء أوقات طويلة خارج المنزل وترك الأبناء أمام الأجهزة ساعات طوال دون رقابة، ما أتاح لداعش جذبهم بطرق أكثر خبثاً تبدأ بألعاب التسلية وتنتهي بالبرمجة والسيطرة على العقل وخاصة مع الأبناء المذبذبين ومهزوزي الشخصية ومن يعانون من الاضطرابات النفسية, أو الشعور بالتهميش الاجتماعي والظلم والقسوة الأسرية والمجتمعية، فتأصلت الكراهية والعدوانية في نفوسهم تجاه مجتمعهم أو بسبب الشحن والتعبئة المستمرة فيجد في تلك الجماعة وسيلة للهروب من واقعه حينها سيكون لديه استعداد أن يفعل كل ما يملى عليه.
المآل الذي وصل إليه هؤلاء هو نتاج لسوء التربية أو تمييز الغير عنهم أو التهميش أو القناعة بالأفكار المتطرفة أو الشعور بالإقصاء، وكلما كان دور الأسر الرقابي ضعيفاً أو معدوماً وبرامج التوعية الفعالة غائبة سهل ذلك من مهام داعش في احتواء هؤلاء الشباب وتوظيفهم لتنفيذ أي عمليات تطلب منهم حتى ولو كانت قتل الوالدين والإخوان والأقارب وأبناء العمومة والأخوال، فالكل سيصبحون في نظر هؤلاء المبرمجين مرتدين وكفاراً! ما الحل لوقف التهديد أو الحد منه على أقل تقدير؟
الواقع أن الحلول كثيرة ومنها ما هو على مستوى مؤسسات الدولة وكيف السبيل لإيجاد برامج مضادة تبطل فعل برامج الدواعش، أما على مستوى الأسرة فأعتقد أن تغيير أساليب التربية القديمة بأساليب جديدة تقوم على احتواء الأبناء والقرب منهم ومنحهم الحب الكافي وتحبيبهم بمجتمعهم، ومتابعتهم الدائمة وعدم تركهم أوقات طويلة وأشغال أوقاتهم بما يفيد وينفع ربما تكون وسائل ناجعة تكفي الأسر شرور التهديد المستمر.