إن الله سبحانه وتعالى منح عباده نعماً عظيمة وعبادات جليلة... بعد إتمام شهر رمضان المبارك ذكرها الباري عز وجل في محكم كتابه الكريم:
{وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة.
وقال الشاعر الحكيم: أبو الطيب المتنبي الذي أحرق أوراق المتفائلين بالمناسبات الطيبة بقوله:
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيه تجديد
وأصبح هذا البيت من تلك القصيدة العصماء يتردد على ألسنة النَّاس في مناسبة الأعياد - لما يحمله من تجديد وذكريات جميلة واستذكار وابتهاج وفرحة وسعادة غامرة.
فالعيد يحتل مكانة عظيمة - فهو شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة التي تحمل بين طياتها وجنباتها معان عديدة ودلالات قيمة تجسد آمال الأمَّة البعيدة وتطلعاتها المذهلة وأحلامها المديدة وطموحاتها العارمة.
قال تعالى على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام - {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (114) سورة المائدة
فقد تحققت هذه الشعيرة الإسلامية الظاهرة بسبب دعوة - عيسى عليه الصلاة والسلام.
فالعيد كلمة تتكون من أحرف بسيطة نطقها على اللسان خفيف ووقعها على حاسَّة السمع جميل - تثلج الصدر وتزيل الهموم والغموم وتهز المشاعر وتحرك الأفئدة وما أرحب الخاطر بنزولها.
فالعيد يعتبر مناسبة طيبة تتجلى فيه أبجديات راقية - كالمودة والمحبة والعطف والرّحمة والتّعاون والتآلف والتكاتف يغرس في نفوس أفراد الأمَّة مبادئ التكافل الاجتماعي وأخلاقه العالية كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم - {وَأمَّا بِنَعمَةِ رَبّك فَحدّث} سورة الضحى آية 11.
فإن هذه المناسبة الكريمة - تجدد حياة أفراد الأمَّة بمعانيها السامية وأهدافها النبيلة وأعمالها الجليلة التي تتمثل في صلة الوالدين والأرحام والأقارب وتدعم مبادئ التواصل بشتَّى طرقه وتغرس أسس التواضع والاحترام والتقدير بين أفراد الأمة.
ما أحوجنا جميعاً لهذه المناسبة العظيمة والشعيرة الجليلة إلى البسمة المشرقة وطلاقة الوجه وانشراح الصدر وأريحية الخلق ولطف الروح ولين العريكة.
فالصّفة البارزة في معلِّم البشريَّة مُحمَّد صلوات الله وسلامه عليه - أنه يمتاز بانشراح الصدر والرِّضا والتَّفاؤل فهو مبشر ينهي المشقَّة والتنفير , ولا يعرفُ اليأس والاحباط فالبسمة على محيَّاه والرِّضا في خلده واليُسر في شريعته والوسطية في سُنَّنه والسّعادة في ملَّته.
قال تعالى في محكم كتابه الكريم: {وَمَا أرْسلنك إلا رحمةً للعالمين} سورة الانبياء آية 107.
ما أكثر ما قيل عن هذه الشعيرة من أقوال نثرية جميلة وأبيات شعرية راقية تجسد معاني صادقة.
فهذه الشعيرة تجدد الحياة لكل فرد منَّا إلا أن البعض من أبنائنا يربط هذه الألعاب النارية الخطرة بهذه المناسبة الجليلة وذلك ابتهاجاً وفرحاً وتباهياً وتفاخراً بقدوم عيد الفطر المبارك فتصبح الفرحة أحياناً فوضى عارمة في منازلنا وفي مجتمعنا بسبب أضرار هذه الألعاب المسلية فإن استتباب الأمن والطمأنينة على النفس والمال من الأمور المهمَّة ما نسمعه بين الفينة تلو الفينة مما تفيض به ألسنة النَّاس من قصص وحكايات من حالات عدة من الإصابات المتعِّددة التي تشهدها بعض المشافي في بلادنا المترامية الأطراف في السنوات الماضية جراء هذه الألعاب النارية الخطرة فالواجب على الآباء والأمهات المحافظة على فلذات الأكباد من هذه الألعاب الخطرة التي تستخدم بطريقة خاطئة فيجب ألا يكتفى بالحدث للحدث وإنما يجب تأصيل ثقافة الانضباط في نفوس الابناء {فلسان الحال - أبلغ من لسان القول وصوت العقل أقوى من صوت القول} إلى جانب أنها تحدث أصواتا مزعجة وأضرارا خطرة على أرواح الآخرين.
فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب.
ما كتبته عبر هذا المقال من آيات كريمات وأبيات شعرية وكلمات نثرية وحكم وعبر فإنني أدعو كل إنساناً منَّا أن يبدأ حياة جديدة ملؤها الأمل والتفاؤل والرِّضا، والرجاء أسأل الله رب العرش العظيم أن يعيده على بلادنا وأمتنا الخليجية خاصَّة والأمتين العربية والاسلامية عامة بالخير والازدهار والقوة والرخاء والاستقرار والرفعة والسؤدد والمجد والتعاون والتضامن، إنه سميع مجيب.