أ.د.عثمان بن صالح العامر
كل الحرمات انتهكت، كل الجرائم ارتكبت، كل النفوس أبيحت..
# ماذا بعد انتهاك حرمة الدين.
# ماذا بعد قتل الأم وطعن الأب اللذين أمر الله بمصاحبتهما بالمعروف، وإن جاهداك على الشرك بالله.
# ماذا بعد اختراق شرف الزمان.
# ماذا بعد الدوس على شرف المكان بالأقدام.
# ماذا بعد استهداف رجال أمن يحرسون ويرعون ضيوف الرحمن الذين وفدوا من كل مكان: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله».
# ماذا ستقولون لله الذي يعلم السرّ وأخفى.
# بأي وجه ستقابلون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنتم تفجرون في المدينة المنورة التي أبان عليه الصلاة والسلام فضلها وفضل أهلها إلى قيام الساعة، وأين.. على بعد أمتار من قبره الشريف والروضة المقدسة.
# أي فكر هذا الذي جعلكم تخترقون سياج القيم الإنسانية، فضلاً عن الدينية والقبلية والمجتمعية.
# أي قرآن هذا الذي تقرؤون.
# ومن هؤلاء العلماء الذين على يدهم تدرسون.
# كيف أوصلكم هؤلاء النكرات إلى هذه المرحلة من الجنون.
# أين ذهبت عقولكم وأنتم تنحرون وتفجرون بطريقة بشعة ما سبقكم بها من أحد في العالمين.
# أين هي فطرتكم التي فُطر الناس عليها.
# كيف نزعت الرحمة من قلوبكم فصار القتل يتراقص بين عيونكم، والأحمر هو لونكم.
# هل صدقتم أن الحور العين تنتظر من يفجر في حرام الله، ويقتل عباده الذين جاءوا من كل حدب وصوب طاعة لله وانقياداً وتسليماً له ورغبة فيما عنده وطمعاً في رضوانه والجنة.. هل يتجرأ عاقل - فضلا عن أن يكون مسلما- على إغماد السكين في صدر أمه التي... يا الله.. يا الله.. اللهم لا تعاقبنا.
# أين سيذهب الدم الحرام الذي كان وصية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: «... فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هذا، أَلا لا يَجْنِي جَانٍ إِلا عَلَى نَفْسِهِ، ولا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلا يَجْنِي وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ، أَلا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ...».
# أين.. وأين.. وأين.. ولماذا كل هذا.. ولمصلحة من.. وتحت أي راية أنتم تنضوون.. هل صدقتم أنكم دولة إسلامية مرتقبة.. هل أنتم جادون في البحث عن الطريق إلى الجنة. .لقد أخطأتم النجعة وضللتم الطريق، فإن كنتم لا تدرون فهذه مصيبة، وإن كنتم تعلمون فتلك كارثة وطامة كبرى ستفقدكم الدنيا والآخرة عياذاً بالله.
# أما عندنا في هذا البلد الآمن فنحن نشرف بوجود ولاة أمرٍ يحكمون شرع الله، ويقومون على خدمة الحرمين الشريفين، ويعتنون بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ويولون شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جلّ اهتمامهم، ويوقرون العلماء الربانيين والدعاة المخلصين الصادقين، ويفتحون قلوبهم قبل أبوابهم لكل صاحب رأي مدعوم بالحجج والبراهين، ويبذلون الغالي والنفيس من أجل راحة واستقرار وأمن وسلامة ورقي وتقدم المواطن والزائر والمقيم، مساجدنا عامرة بالركع السجود، وبيوتنا مليئة بالطاهرات العفيفات الداعيات الرب المعبود، وليس منا يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ولا مجوسي ولا ماركسي ولا فارسي، ونعتقد جازمين أن مرتكب المعصية لا يكفر، وأن أمر المرتد والحكم عليه مرجعه للقضاء وليس لعامة الناس ولا حتى للعلماء والدعاة.
# ووالله ثم والله إن كل ما تقومون به لم ولن يزعزع ثقتنا بمعتقدنا الذي ندين لله به، وبولاة أمرنا الذين نجدد العهد لهم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وبما يفتي به علماؤنا الأجلاء الذين أفنوا أعمارهم خدمة للإسلام والمسلمين، وبثروتنا الحقيقية في هذا البلد «إنسان الوطن» الذي لم ولن يرضى الدنية يوماً ما، ولن يفرّط في شبر واحد من أرض هذا الكيان العزيز عند الجميع «المملكة العربية السعودية».
# نعم لن تقتلوا الفرحة بعيدنا، ولن تفسدوا موسم العمرة الناجح بكل المقاييس، ولن تفرقوا وحدتنا والتفافنا حول قادتنا، ولن يتزعزع جنودنا البواسل ورجال أمننا الأشاوس عن مواقعهم التي هم فيها قيد أنملة، وسيبقى التفاؤل حياً في نفوس صغارنا، كما هو الحال عند شبابنا وكبارنا المشرئبة نفوسهم لغد أفضل وأجمل لهذا الكيان العزيز المملكة العربية السعودية، ودمت عزيزاً يا وطني، وكل عام وأنتم بخير، وإلى لقاء والسلام.