ليس غريباً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تغرد خارج السرب عندما انسحبت أثناء تلاوة البيان الختامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي في تركيا في الوقت الذي أيدت فيه جميع الدول الأعضاء بأغلبية ساحقة قرارات وتوصيات المنظمة لتوحيد مواقف الدول الإسلامية تجاه العديد من القضايا السياسية والاقتصادية ومنها محاربة الإرهاب وتمويل أعمال العنف والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
يرى غالبية المحللين السياسيين ان انسحاب الوفد الإيراني أثناء إعلان البيان الختامي للقمة لم يكن مفاجئاً لهم على الإطلاق بينما يرى آخرون أنه فيما لو تم بقاء الوفد الإيراني حتى نهاية الجلسة الختامية سيشكل مفاجأة غير متوقعة من دولة راعية للإرهاب وحاضنة للمليشيات المسلحة وداعمة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، فكيف ترضى هذه الدولة وتقبل بالاستماع لتلاوة البيان الختامي الذي ترى أن الالتزام بقراراته سيعني توقفها عن دعم وتمويل الأحزاب والميليشيات والحركات الإرهابية في المنطقة العربية وبالتالي إجهاض المشروع الإيراني برمته في منطقة الشرق الأوسط وتبديد حلم الدولة الفارسية في فرض السيطرة الكاملة من الخليج إلى المحيط.
لقد وضع المؤتمرون في تركيا وفد العمائم في حرج وقلق شديدين عندما تفاجأ الوفد بمضمون القرارات التي اتخذت بالإجماع من قبل أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي، ولو كانت إيران تعلم مسبقاً بحجم القرارات وقوة الرسالة لما حضرت أصلاً بوفد رفيع المستوى أو لربما اعتذرت حتى عن المشاركة في أعمال القمة، وكيف يمكن لدولة مارقة مثل إيران أن تقبل بوحدة الصف الإسلامي!! ومنذ متى تسعى إيران لمصلحة الدول الإسلامية وشعوبها؟
انظروا ماذا فعلت وتفعل إيران في إقليم الأحواز وفي سوريا والعراق ولبنان! وماذا حاولت أن تفعل في اليمن والبحرين ودول أخرى، فهي تبحث كعادتها عن مناطق التوتر حيث تكون هشاشة النظام الأمني وتفجر الأزمات السياسية والاقتصادية لكي تستطيع التحرك والتوسع والبقاء في هذه الأماكن التي جعلت منها مستنقعات دموية طاردة للسكان المحليين وجاذبة للمستعمرين الدوليين، مستغلة وجود حكومات الدمى هناك وتوغل الفصائل والجماعات المسلحة وتفكك روابط النسيج الاجتماعي لمختلف الطوائف والمذاهب في هذه الدول.
يدرك العالم أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول دولة كانت تصنف حتى عهد قريب كإحدى دول محور الشر، في منظومة متناغمة ومتجانسة تعمل من أجل الارتقاء بمستوى المعيشة في بلدانها وتسعى إلى حل القضايا الشائكة التي تحول دون استمرار عجلة التقدم والتنمية لشعوبها. لقد أصبحت إيران ذات سمعة دولية سيئة لما لها من سجل حافل بانتهاكات حقوق الانسان وقمع المظاهرات المطالبة بالحريات، وكذلك السجل المتعلق بانتهاك الأعراف والقوانين الدولية المتعلقة بحماية البعثات والسفارات الدبلوماسية، كما حدث مؤخراً من اعتداء صارخ لسفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد ناهيك عن دعم المنظمات الإرهابية كحزب الله الإرهابي في لبنان وتوفير الغطاء الرسمي لممارسات الحرس الجمهوري في سوريا والعراق.