سعود عبدالعزيز الجنيدل
تقول العرب: الأقارب عقارب، وهو مثل شعبي دارج في مجتمعنا.
في هذا المقال، سأجهز طاولة العمليات، ومشرح النقد، لتشريح هذه المقولة.
في البدء لنشرع للتحليل:
من ناحية اللغة.
هاتان الكلمتان وكما يقول البلاغيون بينهما جناس مضارع، وهو أن تختلف الكلمتان في حرف واحد مثل: ليل (دامس) وطريق (طامس)، إذاً فالكلمتان «أقارب» و»عقارب» بينهما جناس، وكلاهما على وزن أفاعل. وهذا الجناس أعطى إيقاعا متناسقا بينهما.
وأيضاً تحتوي هذه المقولة على تشبيه، فقد شبهت العرب الأقارب بالعقارب، ووجه الشبه بينهما حصول الأذى والمضرة.
ومن ناحية المعنى، نجد أن المعنى الذي قصدته العرب بقولها الأقارب عقارب، التحذير من الأقارب، كما يحذر الناس من العقرب لخطورة لدغته، لما يحويه من السم القاتل بين جنباته، وكذلك الحال بالنسبة للأقارب.
وجهة نظري
هذه المقولة التي نطقتها العرب قديما، وتحولت في مجتمعنا إلى مثل - شعبي - يستخدمه عامة الناس، ويستدلون به كثيرا في كلامهم، تحمل دلالات عميقة لها أبعاد كبيرة، ولم أجد - حسب ما قرأت وسمعت - أحداً انتقد هذا المثل، وكأن المجتمع تكيف معه، وأصبح يتعامل مع دلالته، وهي الحذر من الأقارب.
وهذا يطرح بعض الأسئلة:
هل هذا المعنى واقع في مجتمعنا؟
وهل الأقارب عقارب فعلا؟
وهل يمكن تعميمه على كل الأقارب؟
هذه بعض الأسئلة التي لا أملك الإجابة عنها.
يقول ابن المعتز:
لحومهم لحمي وهم يأكلونه
وما داهيات المرء إلا أقاربه
ويقول الكندي: «الأب رب، والجد كد، والولد كمد، والأخ فخ، والعم غم، والخال وبال، والأقارب عقارب».
ويقول الشاعر:
أقاربك العقارب في أذاها
فلا تركن إلى عّم وخال
فكم عّم أتاك الغم منه
وكم خالٍ من الخيرات خال
كل هذه النصوص هي من تراثنا العربي، وأتصور أننا تشربنا منه هذه المعاني، ولكن ما هي حقيقة التعاطي معه من قبل الناس في مجتمعنا، هل هم موافقون على معناه ودلالاته؟
أم هناك من يرفضه جملة وتفصيلا!
ماذا عنك عزيزي القارئ؟
بالنسبة لي فأفضل كتمان رأيي، ولن أبوح به لأحد، وكل يغني على ليلاه.
دائما ما أقول:
علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا.