د. عبدالرحمن الشلاش
في آخر ليلتين من شهر رمضان المبارك هزت ثلاثة انفجارات كيان كل مسلم غيور. وقعت في جدة وفي القطيف والأخير بالقرب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة. لم يتوقع أي إنسان أن يصل فكر داعش المريض لهذه المرحلة.
لا فرق إن كان تنظيم داعش الإرهابي يمول من الشرق أو الغرب فهو في نهاية الأمر تنظيم إرهابي عفن يجب القضاء عليه. المشكلة لدينا من يدعمون هذا التنظيم أو يتعاطفون معه من دواعش الداخل، والأخطر أولئك الشيوخ من بني جنسنا الذين ساعدوا في التقعيد الفقهي للتنظيم الدموي، أي وضعوا له القواعد الفقهية التي يسير عليها، وبناء عليه ساعدوا في دفع الشباب الغر للانخراط فيه والتضحية بأرواحهم فداء لمن يريدون بهذا الوطن وأهله الشر.
يقوم فقه الدواعش الدموي على قاعدة تفسير ولي عنق النصوص الشرعية مثل حديث «لا يحل دم أمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه»، وحديث» من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وبالقياس عليهما فداعش ووفق فقهها تعتبر عدم بيعة خليفتها البغدادي ترك للدين وجاهلية حيث لا ترى خليفة للمسلمين سوى خليفتها المزعوم، لذلك دعا الدواعش بعد مبايعتهم لخليفتهم أن يهب كل مسلم في العالم لمبايعته دون نقاش ومن لم يبعه يصبح مرتداً عن الإسلام وعليه يصبح دمه وماله حلال.
أغلب الإعدامات التي ينفذونها منذ ظهورهم تهمتها الردة أو عدم مبايعة الخليفة. بهذه الحسابات الداعشية الساذجة والمثيرة للسخرية والضحك فإن داعش تعتبر مليار ونصف المليار مسلم مرتدين وقتلهم حلال، أما المؤمنون فهم الدواعش والذين لا يتجاوز عددهم الثلاثين ألفا فقط.
الفكر الفقهي الدموي الداعشي هو امتداد لفكر الفرق المنحرفة عبر التاريخ الإسلامي منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حين أتاه ذو الخويصرة واتهمه بعدم العدل، والخوارج وكانوا يدعون إلى البراءة من عثمان وعلي ورفضهما وتكفيرهما والثورة عليهما، وفكر فرقة القرامطة والتي خرجت على المجتمع الإسلامي وعاثت في الأرض فساداً وقتلت من أهل مكة وحجاجها وسبوا النساء والذراري وخلعوا باب الكعبة وسرقوا الحجر الأسود، وفرقة الحشاشين التي اعتمدت على انتحاريين لاغتيال المعارضين، وقد جمعت داعش كل مخازي هذه الفرق الضالة في فقهها.
يجب أن يكون المقعدون لهذا الفكر الفاسد والمروجون له من دواعش الداخل الهدف فالخطر يكمن فيهم أكثر من المغرر بهم.