هاني سالم مسهور
تُصرّ «داعش» في كل مرة أن تجعل من وحشيتها سمة ترتبط بكل ما في الجريمة من وصف ومعنى، وهذا ما صنعته أيادي الغدر عندما اقدمت على جريمة سلسلة التفجيرات المتزامنة في عاصمة حضرموت المُكلاّ، فلقد كشف الدواعش مُجدداً عن وجه أكثر بشاعةً وإجراماً مما كان يعتقد أن يصل إليه هذا التنظيم السفاح.
قبيل أذان المغرب بخمسة دقائق اقترب أحدهم يحمل إفطار صائم وقدمه لأفراد نقطة أمنية ما إن فُتح الصندوق حتى انفجر اللغم الأول، تبعه تفجير آخر من شخص ادعى أنه يريد أن يشارك نقطة أمنية أخرى أجر الإفطار، وما إن جلس بين الأفراد حتى فجّرَ الانتحاري نفسه بين الجنود، بينما كانت سيارة مفخخة تحاول اقتحام مبنى الاستخبارات وينجح انتحاريان في تفجير نفسيهما في داخل المقر، سلسلة الانفجارات المتزامنة انتهت باستشهاد ما يزيد عن خمسة وثلاثين جندياً وإصابة العشرات من المجندين.
ندرك أن المُكلاّ تمثل خط دفاع أول في مكافحة الإرهاب الدولي على صعيد الجزيرة العربية، فما قامت به القوات الخاصة السعودية والإماراتية في عملية تحرير المُكلاّ في 28 ابريل 2016م ضرب التنظيمات الإرهابية ضربة موجعة وتمكّن التحالف العربي من السيطرة على أجزاء واسعة من جغرافية اليمن، فلقد شهدت الفترة الماضية انحساراً واضحاً في العمليات الإرهابية التي كانت تضرب العاصمة الجنوبية عدن منذ تحريرها في 14 يوليو 2015م.
قيمة المُكلاّ بعد تحريرها أنها تمثل وجهاً آخر لمدى قدرة التحالف العربي على تثبيت الأمن والاستقرار بعد الفوضى والحرب والانقلاب الذي حدث في صنعاء منذ 21 سبتمبر 2014م، هذه القيمة التي تشكلها المُكلاّ إلى جانب عدن تؤكد ضرورة أن نتعامل مع هذه النوعية من التحديات الكبيرة بمقدار الواثق من قدرته على الانتصار ضد القوى التكفيرية التي جعلت من نفسها مجرد أداة للموت الرخيص بيد الشيطان الأكبر المخلوع علي صالح.
مازلتُ عند تأكيد هذه الجزئية وهي أن المُكلاّ تمثل رأس حربة سعودياً إماراتياً بشكل كبير، مسألة تحقيق القدر الأوسع من الأمن والاستقرار يعني تجفيف منابع الإرهاب التي صنعها المخلوع صالح منذ غزو الجنوب في صيف 1994م، لذلك فقط يجب قراءة أن تفجيرات المُكلاّ لم تأت إلا في سياق ما بعد الظهور الأخير للمخلوع صالح، والذي شنَّ فيه هجوماً على الرياض، هذا هو ما يجب أن يقرأ في قوة العمليات الانتحارية التي هزت المجتمع الحضرمي في شهر رمضان المبارك.
استهداف المُكلا تم التمهيد له عبر تحريض واسع من أفراد يتبعون تيارات حزبية سياسية وكذلك دينية متشددة اتخذوا من منصات التواصل الاجتماعي قواعد لشحن المغرر بهم ضد التحالف العربي، وضد السلطة المحلية في حضرموت، فخسارة تلك الأحزاب والتيارات الدينية للمُكلاّ تعتبر خسارة فادحة، فلقد شكّل احتلالها تمويلاً واسعاً للعمليات الانتحارية، كما كان يعول تنظيم «داعش» على أن تكون حضرموت عاصمته في الجزيرة العربية ومن خلالها يهدد أمن السعودية، لذلك فإن تحرير المُكلاّ صنع نقطة تحول مهمة في معركة طويلة مع الإرهاب الدولي.