الكرم خصلة حميدة وصفة جميلة كانت محل الثناء، ويقابله البخل والشح وهو من أسوأ الأخلاق، وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمع يحب الكرم ويقدره، لكنه عليه الصلاة والسلام فاق أهل عصره في الاتصاف بهذا الخلق النبيل كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة)، وكان جوده صلى الله عليه وسلم بجميع أنواع الجود. ولم يكن عن كثرة واستغناء ولم يكن كرمه نتيجة امتلاكه للأموال الطائلة بل عن قلة وحاجة في كثير من الأوقات، فكان ينفق مما هو بأمس الحاجة إليه وقصة أبي هريرة رضي الله عنه في إيثار النبي صلى الله عليه وسلم له ولأهل الصفة باللبن الذي هو أحوج ما يكون إليه شاهدة على ذلك. ونفى صلى الله عليه وسلم عن نفسه صفة البخل قولا وفعلا، روى جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه بينما كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع الناس مَقْفَله من حنين فعلقه الناس يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاة نعماً لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جبانا) فنفى عن نفسه أسوأ الخصال البخل والكذب والجبن صلى الله عليه وسلم. والكرم عند النبي عليه الصلاة والسلام لا يقف عند عتبة الاتصاف والتخلق به وحسب بل كان يدعو أتباعه إليه ويربيهم عليه، ويخبر أنه سبب لنيل محبة الله سبحانه فيقول: (إن الله كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويبغض سفاسفها) بل تعلو أهمية الكرم عنده عليه الصلاة والسلام حيث كان يربطه بالإيمان بالله واليوم الآخر فيقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) فأكد في توجيهه على أهمية أن يريد الإنسان بكرمه وجوده وجه الله وحده.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود