يوسف المحيميد
كل عيد فطر تتكرر مسألتان: الأولى زكاة الفطر التي لها باعة ومشترون وتجار في الشوارع. وكما ورد في الحديث أنه يجب أن تكون زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير. وقد فسر أهل العلم بأن المقصود بذلك الطعام، هو ما يقتاته أهل البلاد. والقصد طبعًا من هذه الزكاة مواساة الأغنياء للفقراء، ومشاركتهم في الإفطار والاحتفال بالعيد. ومعظم أهل العلم لا يرون إنفاقها نقودًا، لكن الواقع في شوارعنا قبيل العيد بيوم أو يومين يكشف لنا وجود شاحنات لبيع أكياس الأرز، بجوارها نساء ورجال في هيئة فقراء، ثم شاحنات فارغة لشراء هذه الأكياس من الفقراء. فما يحدث غالبًا هو عملية علنية لتدوير هذه السلعة، بشراء المتصدق أكياسًا عن نفسه وعائلته، ثم تسليمها لهؤلاء المتجمهرين، الذين يبيعونها علنًا بسعر أقل للشاحنات المجاورة، الذين يبيعونها من جديد لمتصدق آخر، وهكذا تتم إعادة بيعها من جديد!
ما يجب على المسلم في مثل هذه الحالة هو أن يتحرى الدقة والبحث عن الفقراء المستحقين لهذه الزكاة، وما أكثرهم في مختلف الأحياء، ممن لا يعرفهم الجاهل من التعفف، بدلاً من تسليمها لباعة يقومون بتدويرها، الرابح الأول منها هو تجار محال الجملة، الذين يبيعون السلعة علنًا عشرات بل مئات المرات!
أما المسألة الثانية فهي تحذير وزارة التجارة والاستثمار من بيع الألعاب والمفرقعات النارية، بل منح مكافأة تشجيعية، قدرها خمسة آلاف ريال، لمن يبلّغ عن مستودعات لا تقل كمية المضبوطات فيها عن أربعة آلاف قطعة من الألعاب النارية، وكذلك إعلان رقم موحد للتبليغ عن الباعة المتجولين والبسطات؛ ما يثير التساؤل الأكثر مرارة: إذا كانت هذه الألعاب ممنوعة إلى هذا الحد، وحماية لأطفالنا من هذا السلاح الخطر، فلماذا تدخل السوق السعودي إذن؟ مَن المسؤول عن ذلك؟ هل الجمارك مثلاً؟ أم حرس الحدود؟ أم وزارة التجارة والاستثمار؟ وما ذنب البائعات في البسطات في معظم الأسواق التجارية كي تصادَر بضاعتهن، وقد اشترينها من تجار جملة معروفين لهن، ولغيرهن؟
لست أدافع عن هؤلاء النسوة اللواتي يبعن الألعاب النارية الخطرة، لكن من غير المنطقي ملاحقتهن في الأسواق وترك التجار والمهربين، ولا يكفي انتظار بلاغات المواطن - رغم أهمية دوره - عن المستودعات السرية، التي تحتوي على أطنان من هذه الألعاب والمتفجرات، بل يجب العمل التنسيقي بين مختلف جهات الدولة (وزارة التجارة والاستثمار والشرطة والمباحث والجمارك، وغيرها)، والعمل أولاً على منع دخول هذه الألعاب للبلاد، ثم البحث عن الشاحنات التي تنقلها، والمستودعات التي تخزنها، ومن ثم مصادرتها، ومعاقبة تجار الجملة فيها، قبل النظر في بضاعة باعة متجولين، وبائعات يفترشن الأرصفة!
هذه الأسئلة التي تتكرر كل عيد ستتوقف لو تم التعامل مع هذه المواقف برقابة صارمة، حماية لأطفالنا، وطهارة لزكاة فطرنا. وكل عام وأنتم بخير.