سعود عبدالعزيز الجنيدل
حصل لي موقف مع المسمار الأسبوع المنصرم، ولقد وجدته عنيداً، ثابتاً، مقاوماً، وفي نهاية الأمر لم أستطع إخراجه من الجدار، مع استعانتي بالزملاء، وظل في مكانه شامخاً لم يتزحزح قيد أنملة. انتهى الموقف بهزيمتي أمامه.. وبالمصادفة وجدت المسمار يعود لي مجدداً في فنّي الذي أتقنه، وجدته في أحد الكتب العربية، وهو لم يتغير، وجدته على عناده وإصراره، وكأنه يريد إفساد ما تعلمته، وأخاله كالبحر الهائج الذي ستتكسر عنده مجاديفي.
المشهورعند العرب قديماً، وكذلك ما تم تدوينه في الكتب النحوية، أن الجملة الفعلية في إحدى صورها: تتكون من فعل وفاعل، ومفعول به، وأن حق الفاعل الرفع وحق المفعول به النصب، ويجوز تقديم المفعول به على الفاعل إذا أمن اللبس، مثل أكل زيدٌ التفاحةَ، فيجوز أن نقول أكل التفاحةَ زيدٌ، ويظل الإعراب كما هو، والفرق بين الجملتين هو تقديم المفعول به على الفاعل أو تأخيره عنه. وهذا معروف عند النحاة وغيرهم، وهو من القواعد الأساسية المعروفة.
لكن المسمار أبى هذا الأمر، وأراد أن يكسر هذا النسق النحوي المتبع، الذي سار عليه القدماء، ومازال يسير عليه المحدثون.. وخلته يدّعي التمرد على هذا النسق النحوي الذي تعلمناه من المتأخرين والمتقدمين، وكأنه يرمي بكل آرائهم عرض الحائط، ويستمر في عناده وإصراره على إثبات وجوده.
تقول العرب:
(خرق الثوبَ المسمارُ) بطبيعة الحال أيّ نحوي أو متعلم تعليماً بسيطا سيقول لي إن هذا المثال صحيح، وهو نحو قولك آنفا: «أكل التفاحةَ زيدٌ».. أي أن المفعول به تقدم على الفاعل، وقد حقق الشرط وهو أمن اللبس! وأصل الجملة: خرق المسمارُ الثوبَ.
وأجد هذا الكلام جميلاً ومعقولاً وهو من ضمن المعقولات والثوابت التي تعلمتها ومازلت أتعلمها من لغة القرآن، اللغة التي أعتز بها، وبكونها لغتي الأم، ولكن.. لا تستهن بهذا المسمار عزيزي القارئ، فهو كما قلت لك عنيد، مكابر، لا يستسلم بسهولة.
وماذا ستقول عزيزي القارئ إذا عرفت أن المثال كما روته العرب كان بهذا الشكل:
خرق الثوبُ المسمارَ.. برفع الثوب، وبنصب المسمار!..
هل ستظل على رأيك؟..
أم أن المسمار قد فاجأك كما فأجأني في مرتين متتاليتين.
أما أنا فسأقول كما قالت العرب....
إلى اللقاء،،،