في مثل هذا الشهر من العام الماضي رحل عن الأمة فارس قاد السياسة الخارجية للمملكة لأربعة عقود والحقيقة أنه لم يرحل، فقد ترك بصمات وأعمال عظيمة في السياسة الخارجية للمملكة والتي لا تُنسى. إنسان جنّد كل طاقاته البدنية والذهنية على حساب صحته لأكثر من 40 عاماً لخدمة وطنه الحرمين الشريفين، وقد واجه في عهده - رحمه الله- أزمات وأحداثاً خطيرة شهدتها المنطقة كانت دائماً هماً ثقيلاً عليه، ولكن واجه جميع التحديات بحكمة وشجاعة وحنكة لخدمة دينه ووطنه وأمته. سكن الجو مسافراً من بلد إلى آخر، وحتى آخر لحظة من عمره وفي شدة مرضه يبحث عن الرخاء والأمن والطمأنينة للأمة. الكثير من قادة ووزراء خارجية دول العالم كانوا يحسبون للمملكة ألف حساب بسبب هذا الأمير، وقد وصف بعدة ألقاب، مثل: عميد وزراء خارجية، القوة الهادئة، الفارس الحكيم، المرهب، المحنك، الشجاع. وكان - رحمه الله- إنساناً عاطفياً وأيضاً ذا قوى، كان - رحمه الله- إذا بكى ترتجف له الجفون وإذا حدّق بنظره ترتجف منه الأبدان، وأهم ما قال عن الفيصل رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف لو كان عندي وزير خارجية مثل الفيصل لما تفكك الاتحاد السوفيتي، وقال عنه الرئيس الراحل صدام حسين: إن أكثر إنسان يرهبني هو الأمير سعود. كان - رحمه الله - رمزاً للأمانة والعمل الدؤوب لتحقيق تطلعات قيادته ووطنه وأمته -رحمه الله-.
هذه هي مسيرة أمير ووزير وهب ثلثي عمره لخدمة بلده على مستوى الدبلوماسية الخارجية.
ندعو الله أن يتغمد الفيصل بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والرخاء تحت قيادة والدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله- اللَّهم آمين.
خالد محمد البيوض - وزارة الخارجية