صنعاء - الجزيرة:
لأول مرة يأتي رمضان هذا العام والكثير من الجمعيات الخيرية متوقفة عن ممارسة نشاطها بسبب ممارسات القمع والإقصاء التي تعرضت لها من قِبل المليشيا الانقلابية. الجمعيات الخيرة التي كانت في شهر رمضان من كل عام تتزاحم في فعل الخير، ومد يد العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين، باتت هذا العام غائبة، ولا وجود لها في الميدان. الآلاف من الأسر اليمنية المعدمة التي كانت تقتات على ما تحصل عليه من بعض الجمعيات الخيرية لم تعد تلقى مَنْ يمد لها يد العون والمساعدة، بعد أن توقفت تلك الجمعيات، وأغلقت أبوابها بسبب الوضع السياسي والأمني الذي تعيشه اليمن في ظل سلطة الانقلاب، وسيطرة المليشيا على عدد من المحافظات اليمنية. أم محمد عبدالخالق تقول: نعيش اليوم في وضع لا يعلمه إلا الله؛ فلا يوجد لدينا مصدر دخل، وما كنا نحصل عليه من فاعلي الخير لم يعد يصلنا؛ لأن الجمعيات التي كانت تعطينا المساعدات الشهرية وفي رمضان لم تعد تعمل، وهي مغلقة، وأصبح الناس كلهم محتاجين، ويستحقون العون والمساعدة؛ لأن الناس لم تعد تجد ما تقتات منه؛ فلا أعمال، ولا وظائف، ولم يعد الجار يتفقد جاره، ولا نجد من يقرضنا، وأصبحت حياتنا كلها معاناة.. ونسأل الله أن يفرج على البلاد، ويعيد إلينا الحياة التي سلبوها منا، وأن يعيد الأمن والأمان لكل أجزاء الوطن؛ لأن الجميع اليوم في محنة لا يعلمها إلا الله، سواء من هم في المدن أو من يعيشون في الأرياف. ويقول المواطن عبدالصمد نعمان: هناك جمعيات خيرية، كانت في مثل هذه الأيام من كل عام تكتظ بالناس المحتاجين الذين يجدون فيها ما يسد جوعهم، ويمد إليهم يد العون والمساعدة، لكن بعد أن أغلق الحوثيون الكثير من الجمعيات الخيرية تضررت الكثير من الأسر، وزاد الفقر لدى بعض الناس؛ لأن هناك أسرًا لا تجد ما تسد به رمق جوعها سوى ما كانت تحصل عليه من هذه الجمعيات، ولكنها الآن - للأسف - لا تجد من يواسى حالها ويلتفت لوضعها، وأصبحت تفتقر لقوت يومها. فؤاد علي سعيد (أحد العاملين في إحدى الجمعيات الخيرية التي أغلقت أبوابها في صنعاء) يقول: كنا في أيام رمضان نستقبل آلاف الحالات التي نقدم لها السلال الغذائية والمساعدات النقدية التي تعينها على مواجهة ضيق العيش، لكن الانقلابيين وضعوا الجمعيات الخيرية ضمن أهدافهم؛ فسعوا إلى مضايقتها، وفرض الوصاية على أنشطتها، ومارسوا كل الانتهاكات بحقها وبحق القائمين عليها؛ ليصل بهم الحاللى أن قاموا بالسيطرة على بعضها، وإغلاق البعض الآخر بدون أي مبرر منطقي. وطبعًا، هناك أسر كثيرة قد تضررت نتيجة هذه الإجراءات التعسفية. وغياب الجمعيات الخيرية عن ممارسة نشاطها المعتاد قد أوجد حالة من الفوضى في العمل الخيري وفي الوصول إلى الحالات المستحقة.
(م. ع. ن - فاعل خير)، فضل عدم ذكر اسمه، قال: كنا نجود بما أنعم الله به علينا للفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان من كل عام من خلال الجمعيات الخيرية التي نثق بها وبالقائمين عليها في إيصال ما نقدمه للمستفيدين، وكنا نشعر بالراحة والرضا لما نقوم به، لكن هذا العام، وبعد أن أغلقت العديد من الجمعيات الخيرية التي كانت ترعى الآلاف من الأسر، لم نعد نثق بمن نضع أموال الخير بين أيديهم ممن تبقى من جمعيات، لا عدم ثقة في القائمين عليها؛ لأن هناك من يفرض الوصاية عليها، ونخشى أن يذهب ما نقدمه لما يسمى دعم المجهود الحربي للانقلابيين، ولعدم توافر ما يضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها. وأضاف بالقول: «هناك العديد من الأسر التي حُرمت من المساعدات العينية والنقدية التي كانت تصلها عبر بعض الجمعيات، ولا يعلم عن حالها إلا الله، ومن الصعب الوصول إليها بعد أن أغلقت العديد من الجمعيات الخيرية التي كانت تنظم العمل الخيري، وتصل إلى من يغفل عنه الناس من الأسر المتعففة الأشد فقرًا. وقد نجتهد ونسعى في البحث عمن يستحق العون، لكن في ظل اتساع مساحة الفقر والحاجة لدى الناس؛ ليصبح الجميع محتاجًا، ويستحق العون، يصعب علينا تغطية كل المحتاجين على مستوى الأحياء والحارات».