يوسف المحيميد
كان في التجارة، وأمر بحكمة وشجاعة بإغلاق أكبر محال الهايبرماركت المخالفة للأنظمة، ثم صار في الصحة، وأمر أيضًا بحكمة وشجاعة بإغلاق إحدى أكبر المستشفيات الخاصة، لعدم وجود رخصة صحية سارية، وعدم حصول بعض الأطباء على رخصة الممارس الصحي، وعدم الالتزام بأنظمة الدفاع المدني... فأين الخلل؟ في التجارة، أم في الصحة، أم في التعليم، أم في الإسكان، أم في الوزراء!
كثيرًا ما ذكرت بأن هذه الوزارات الخدمية، ذات العلاقة المباشرة بالمواطن وخدماته واحتياجاته، لا تحتاج إلى وزراء يعملون بخطط استراتيجية بعيدة المدى، وإنما تحتاج إلى وزراء تنفيذيين، يباشرون العمل في الميدان، يفرضون رؤية المواطن وطموحاته، لا يترددون في اتخاذ القرارات الحازمة، بعد أن يقوموا بلفت النظر، ومنح الفرصة تلو الأخرى، ثم فرض العقوبات بجرأة وشجاعة.
فعلى سبيل المثال، ثم إنذار هذا المستشفى، وتحذيره مرارًا، لكنه لم يستجب لذلك، وتم اتخاذ قرار الإغلاق بأمر من إدارة شؤون القطاع الصحي الخاص، لعدة أسباب، على رأسها حماية المواطن المريض، من أطباء لا يحملون رخصة الممارس الصحي، وكذلك تحذير واضح وصريح للمستشفيات والمستوصفات الأخرى، التي لا تلتزم بالشروط الصحية، ولا بشروط وأنظمة الدفاع المدني، التي بسببها حدثت سابقا بعض حالات الحريق والاختناق وغيرها.
ولعل أكثر الأمور تعقيدًا في وزارة الصحة، التي قد يحقق فيها الوزير الربيعة نجاحًا، لو عمل بالنشاط والتركيز ذاته، هي مشكلة الأخطاء الطبية، التي راح بسببها عدد من المرضى، ممن توفوا بسبب خطأ طبي واضح، أو ممن هم في غرف العناية المركزة لعدة شهور، وأحيانا لسنوات أيضًا، ورغم وجود لجنة قانونية طبية في الوزارة تنظر في هذه القضايا منذ سنوات طويلة، إلا أن الأمر لا يزال معطلا، ولا تزال كثير من القضايا العالقة لم تجد لها حلا حاسمًا، وتحتاج إلى أحكام سريعة وحاسمة، إما تنصف ذوي المريض المتوفى، أو المنوم في العناية المركزة، أو إثبات براءة الطبيب وفريقه المعالج!
صحيح أن هناك قضايا ومشاكل كبيرة في قطاع الصحة، سواء من حيث توفر الأسرة لتنويم المرضى، وغرف العمليات، وغرف العناية المركزة، أو حتى توفر المواعيد الطبية في العيادات الخارجية التي تصل أحيانا إلى عدة أشهر، لكنها بالطبع تحتاج إلى جهد كبير وعمل دؤوب مخلص، سواء من الوزير، أو من القيادات العليا في الوزارة، لرفع مستوى الخدمات الصحية في البلاد.