د. أحمد الفراج
لا يمكن للمتابع المحايد إلا أن يلحظ النفاق الغربي، سواءً على مستوى الساسة، أو الإعلام، وذلك حين يتعلق الأمر بأحداث العنف، فعند كل حدث إرهابي، تبدأ تساؤلات الإعلام الملغومة، بتلميحات تشبه التصريح، عن إمكانية كون العمل «إرهابياً»، وعن صلة محتملة للمسلمين بذلك، ويتريث الإعلام في إطلاق صفة «الإرهاب»، حتى يتأكد عن صلة المسلمين بالحادثة، ثم يبدأ بتكرار الأسطوانة التي لم تتوقف، منذ أحداث سبتمبر 2001، وعليكم العودة إلى كل الأحداث الإرهابية التي حصلت منذ سبتمبر للتأكد من ذلك، ولا يمكن أن ينسى المتابع جريمة النازي الإرهابي، النرويجي أندريه بيرفيك، والذي قتل ما يقارب ثمانين بريئاً بدم بارد، قبل عدة أعوام، إذ وجد الإعلام الغربي صعوبة في وصفه بالإرهابي، رغم كل الاعترافات التي أدلى بها، والوثائق التي وجدت في منزله، وكلها تؤكد على نيته إعلان حرب «الأعراق» للمحافظة على العرق الآري المسيحي الأبيض، والذي يعتقد هذا النازي أنه الأعلى منزلة، والأحق بكل فضيلة!.
ذات الازدواجية من الإعلام الغربي حصلت مع نازي أمريكي، أقدم على قتل تسعة من المتعبدين السود، في كنيسة بمدينة شارلستون، بولاية جنوب كارولينا الأمريكية، قبل أقل من عام، ولم يجد حرجاً من الاعتراف بأنه فعل ذلك ليقينه من وجوب القيام بحرب على الأعراق الإنسانية غير الآرية، وكانت الطريقة الناعمة التي تعاملت فيها الشرطة مع هذا المجرم مثار سخرية وتندر، مقارنة بتعامل ذات الشرطة مع مجرم أسود، حتى ولو كانت جريمته عبارة عن جنحة بسيطة، مثل سرقة دراجة، وها هو ذات الشيء يتكرر، قبل أيام، مع المجرم النازي البريطاني، تومي مير، والذي قتل عضوة مجلس العموم البريطاني، جو كوكس، فبالرغم من أن كل شيء أشار إلى أنه قام بعملية القتل، رداً على موقف عضوة مجلس العموم الإنساني من اللاجئين السوريين، ورغم ثبوت صلة القاتل بمنظمة نازية أمريكية عنيفة، إلا أن وسائل الإعلام الغربية لم تذكر كلمة «إرهابي» لوصفه، وهذا كان متوقعاً على أي حال.
هذه المواقف المشينة والملطخة بالنفاق والازدواجية من الإعلام الغربي جعلت حتى المواطنين الغربيين البيض يسخرون مما يجري، خصوصاً أن جريمة النازي البريطاني تزامنت مع جريمة المسلم عمر متين، ولكن ردة الفعل كانت مختلفة تماماً، فقد عبَّر البعض عن غضبهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يكن ذلك مقتصراً على عامة المغردين، فقد كتبت الصحفية البريطانية في جريدة القارديان، هادلي فريمان، على حسابها في تويتر: «شيء غريب أن الذين يسارعون لاتهام الإسلام عند حصول حوادث إرهابية، يتساءلون الآن، كالمعتوهين، عن الدافع وراء اغتيال عضوة مجلس العموم: مرض عقلي!»، وقد كتبت كثيراً عن هذه الازدواجية، وأعيد هنا وأقول: «نعم، هناك تنظيمات إرهابية تنتسب للإسلام، مثل القاعدة وداعش، ونحن نشجب هذه التنظيمات، ونطلق على أعمالها صفة الإرهاب، فلماذا لا يفعل الإعلام الغربي ذات الشيء مع منظماتهم الإرهابية؟!»، والجواب سهل جداً، فهم لا يريدون فك الارتباط بين كلمة «إرهاب» و«الإسلام»، هكذا بكل بساطة؟!.