علي الخزيم
للشاعر الدمياطي المصري محمد الأسمر أبيات قالها بمناسبة العيد منها:
(وبددوا عن ذوي القربى شجونهم + دعا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم + بدراً رآه ظلام الليل فانقشعا).
اختصر المسألة بكلمات ناصعة واضحة قليلة العدد غزيرة المعاني، استمدت ضياءها من الهدي الإلهي والسنة النبوية، وأبرزت فهم السلف الصالح لحكمة ومشروعية العيد، أما الشاعر علي الجمبلاطي فيُعَبّر عن البِشْر بقدوم العيد ويأمل أن يكون مناسبة لمساعدة المحتاجين ومواساة المكروبين:
(طاف البشير بنا مذ أقبل العيد + فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هزَّ راحته + شوقاً وكل غني هزه الجود)
وترنم الشاعر السعودي يحيى توفيق بمَقْدم العيد بقصيدته (ليلة العيد) فقال:
(بشائر العيد تترا غنية الصور + وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً + في عين وامقة أو قلب منتظر
يا ليلة العيد كم في العيد من عبر + لمن أراد رشاد العقل والبشر).
ولن يغيب عن البال أن هناك قُبَيْل ليلة العيد وصباحه من يتذكر أحزانه وأتراحه، ومن يتحسر على أطفال أو أهل قد حُرِموا لذة الفرح بالعيد وبهجته التي ينعم بها من حولهم، فممن عبّروا عن هذه المعاني الشاعر العراقي مصطفى جمال الدين، اخترت بيتين له فيهما أسى وحسرة:
(يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ + تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمسِ تملؤُهُ + بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟ قد ذَهَبا).
وممن يتجرعون أحزانهم ويشرقون بدموعهم أولئك الذين قادتهم الظروف والأقدار إلى السجون حين يتذكرون صغارهم وذويهم، فهذا شاعر عربي ينظم قصيدته مع قدوم العيد، يقول:
(أكاد أبصرهم والدمع يطفر من + أجفانهم ودعاء الحب يختنق
يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت + أطفالنا نحن والأقفال تنغلق
ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا + والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق).
وللمُتَيّمِين والعشاق سحائب شعر ندية تحمل معاني عذبة طروباً، من ذلك قول أحدهم:
(رأى العيد وجهك عيداً له + وإن كان زاد عليه جمالاً
رأى منك ما منه أبْصَرْتِه + هلالاً أضاء ووجهاً تلألأ).
وشاعر آخر يناجي طيفها:
(يا خيرَ مَن حَنّت لها مُهَجٌ + واحبُّ مَن غَزَلت لها مُقَلُ
أفرَغتِ عِطركِ في دَمي فعلى+ شِعْري عبيرٌ مِنكِ مُنهمِلُ).
وطَرّز شاعر ضناه الشوق وأعجزه البعد هذه المعاني:
(يزداد شعري حُسْناً حين أذكُرُكم + أن المليحةَ فيها يَحْسُنُ الغزلُ
إن المليحة تُغْنِيها ملاحتها + لا سيما وعَلَيْها الحَلْيُ والحُلَلُ).
ومن الشعر الشعبي التراثي، وقد نُسِبَ لأكثر من واحد:
(أربع بناجر في يد المزيون + تَوّه ضحَيّ العيد شاريها
عمره ثمانٍ مع عَشِرْ مضمون + مَشْيَ الحمام الراعبي فيها).
ومع هذا التنوع بالمعاني التي تستحضر أطراف المشاعر الوجدانية تجاه الأسرة والمجتمع، فإنها دعوة لاستثمار فرحة العيد بالحب الصادق والتسامح الباقي (الذي لا يزول مساءً).