سمر المقرن
صحيح أنني مثل بقية العرب، اعتدنا على حوادث العنف والقتل والدمار، لأنها السائد «اليومي» الموجود في عالمنا العربي، بل أصبح الغريب والمستنكر أن يمر يوم دون أن نسمع فيه عن هذه القضايا.. وعلى الصعيد المحلي باتت أخبار العنف عادية جداً، فلا يخلو إعلامنا المحلي من نقل قصص يومية تتصدر فيها الصفحات والبرامج عناوين العنف، أتذكر جيداً عندما نقلت قصة «مريم» التي خبأت الذهب والأموال في رحمها بسبب العنف الذي كان يُمارسه شقيقها ضدها فأُصيبت بحالة نفسية جعلتها تُمارس بعض الأفعال دون وعي، كانت تلك القصة في عام 2003م، هزت تلك القصة المجتمع المحلي بل والعالمي بعد أن تناقلتها معظم وكالات الإعلام الدولية، وقتها كان من المستغرب نشر الصحافة لقضية عنف ضد المرأة بهذا الحجم الموجع، ليس لأن المجتمع خالٍ من العنف، بل لأن تناول مثل هذه القضايا كان غير معتاد في إعلامنا، وتم سؤالي مرات عديدة في وسائل إعلام ومحافل محلية وعالمية عن سبب تناولي كصحافية لقضايا العنف، فكانت إجابتي دوماً تتمحور حول ضرورة الاعتراف بالمشكلة لنتمكن من إيجاد حلول لها.
اليوم صار أمراً عادياً تناول قضايا العنف، بل أصبح يومياً ويتم تناوله بغزارة وكثرة دون وضع حلول عملية لإيقاف أو تقليص مثل هذه السلوكيات الإجرامية، الإعلام يفتح الجرح لك ما زال الطبيب يغلقه بعد وضع بعض المطهرات دون علاج!
العنف لم يعد يقتصر على الضرب أو الألفاظ والشتائم أو التمييز، إنما تطور بشكل سريع إلى حد «القتل» وما حدث للأم الطاهرة هيلة العريني - رحمها الله - وعوّضها عن جراحها في جنات النعيم، هو إحدى صور تطور العنف بعد استسهاله وعدم إيقافه عند حده. هذه الجريمة البشعة برغم أنني - كما أسلفت - كبقية العالم العربي تعودنا على مشاهد القتل والدمار، أوجعتني كثيراً، بل إنني بكيت وقتاً طويلاً وأنا أتابع سيناريو الجريمة في مخيلتي، هذه الجريمة التي لم تُخلق بعد كلمات تصف بشاعتها، هي ليست جريمة مستوردة، هي خرجت من محيطنا، من بيوتنا، من مراحل تراكم فيها العنف إلى أن وصل إلى ما وصل إليه اليوم، هي جريمة قد تتكرر ولا نعلم على من الدور القادم، لكن ما أتمناه وأطلبه من رب العالمين أن يلطف بنا مصابنا، فهو مصاب عظيم لن ننجو منه إلا برحمته!.