د. عبدالرحمن الشلاش
أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى مزيد من الشرح والتوضيح والتفصيل حول الأسباب التي أدت وما زالت تؤدي إلى الحقد وكراهية الآخر والعنف والقتل وسفك دماء الأبرياء بغير حق.
قد نرجع الأسباب إلى تربية صارمة وتسلط وشعور بنقص ما، أو لعوامل نفسية، أو شعور بالظلم والاضطهاد من فئات معينة، لكن تبقى كل هذه حالات فردية لا تشكل إلا نسبا ضئيلة جدا من مجمل حالات الكراهية.
نشأت الكراهية عندما خنق الحب ثم أزهق ثم قتل وشيع إلى مثواه الأخير حتى أصبحت مفردة الحب تثير حساسيات مفرطة لدى البعض لدرجة أن ربط الحب بقلة الحياء والسماجة والميوعة، وأوصاف كثيرة تحذر منه وتندب إلى البعد عنه رغم أنه حالة فطرية فالإنسان بطبعه يحب الحياة، ويحب كل جميل فيها، وتشمئز نفسه من كل قبيح.
الإنسان السوي يحب والديه وزوجته وأولاده وبناته وأقاربه وجيرانه وأصدقاءه وزملاءه في العمل، يحب وطنه بكل من فيه دون استثناء، ويحب الإنسان المسالم، وتهفو نفسه إلى مباهج الحياة، أي أنه يحب ولا يكره وبذلك يعيش في حالة من السلام مع نفسه ومع غيره.
من الذي بدأ ببث الكراهية وتكريسها في مدى زمني غير قصير؟ لنعترف أن البدايات كانت بالدعوة إلى كراهية الحياة والزهد بما أحل الله فيها من نعم وخيرات، بل وتحريم ما أحل الله بدعوى سد الذرائع، وشهدنا انفلاتا منبريا يصنف المجتمع السعودي المسلم إلى أحزاب وتيارات كلها في نظر هذا الخطاب التصنيفي ضالة مضلة إلا فريق واحد وهو فريق هؤلاء الخطباء. يصور هؤلاء الخطباء الفئات الأخرى في المجتمع بأنهم أعداء الدين لذلك يجب مناصبتهم العداء ومحاربتهم، وكراهيتهم.
الأدهى أننا نسمع من بعض الخطباء دعاء بالموت على المخالفين من المسلمين السعوديين بينما يصرف الدعاء الصادر من القلب للمجاهدين في الشام والعراق فمن هم هؤلاء المجاهدون؟ هل هم جنودنا البواسل أم الدواعش وغيرهم من الإرهابيين؟
خطاب بهذه الصيغة فهل ننتظر من نتائجه الحب؟ للأسف فهو خطاب يبث الكراهية لذلك لا نستغرب ظهور الاستعداد لدى الشباب للارتماء في أحضان الجماعات الإرهابية، والقتل والتفجير.
نحن بحاجة إلى نظام يجرم بث الكراهية في أي موقع كان كي لا تستفحل الأمور لتصل إلى وضع لا يمكن السيطرة عليه.
أعتقد أن النظام موجود على طاولة الشورى والمطلوب إقراره بأسرع ما يمكن.