سلمان بن محمد العُمري
يقول الشاعر:
ومن يتهيّب صعود الجبال
يعِشْ أبَدَ الدّهْرِ بيْن الحُفَر
تذكّرت هذا البيت من الشعر الذي يزن مجموعة من الدواوين لما يحويه من حكمة لخّصت الكثير عن الإرادة والعزيمة والانكفاء والخمول ومآل كل فريق.
لقد تذكرت هذا البيت وأنا أقرأ أخباراً جميلة وطيبة لشباب من أهل العزيمة والإرادة لم يمنعهم العوق البصري أن يحققوا طموحهم ويبدأوا مشروعهم ومع من؟ مع أعز الناس مع والدتهم وكأنّهم يردّون لها الجميل أولاً ويطمئنونها أنّ الله سبحانه وتعالى لا يضيعهم ولنا فيمن مضى من المبرزين من ذوي الإعاقة البصرية ممّن كان لهم شأن في العلوم الشرعية والمثقفين والأدباء خير مثال على ذلك.
ويقول الخبر الذي تناقلته الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي إن الإعاقة البصرية لم تمنع اثنين من الشباب (أشقاء) من اقتحام مجال التجارة، إذ قاما بافتتاح محل خاص لبيع المنتجات المنزلية التي تقوم والدتهم بتجهيزها وإعدادها والتي كان لها دور كبير مع والدهم في دعمهم وتشجيعهم لافتتاح هذا المشروع، الذي تم افتتاحه قبل شهر رمضان بأيام قلائل إقبالاً من الزبائن ولقي الثقة والتشجيع وهو ولله الحمد أمر ملازم مع جميع الأسر المنتجة.
وهذا المشروع لا يستحق التشجيع من الأهالي فقط بل يستحق - أيضاً - الدعم من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لأنه عدّة مشاريع في مشروع واحد فهو دعمٌ للأسر المنتجة ودعم لذوي الإعاقة، وكما هو معلوم فإن الفرص الوظيفية لذوي الإعاقة حالياً قليلة جداً ومحدودة، بين التعليم ومأمور السنترال وبدأت تلوح في الأفق وتبرز كظاهرة وهي بطالة ذوي الإعاقة البصرية، حيث أصبح العشرات من خريجي الجامعات من ذوي الإعاقة البصرية من الجنسين وخاصة الفتيات بدون عمل وينتظرون التعيين وهذه الفئة مصادر الدخل لديها محدود كمحدودية فرص العمل.
لقد فكرت أسرة الأشقاء (إسماعيل وعبدالرحمن المشيقح) بإيجاد حلٍّ مسبق للبطالة المتوقعة مستقبلاً وفكروا وقرروا البدء بهذا المشروع الخاص ببيع المنتجات المنزلية من المأكولات والاستفادة من إجادة والدتهم لهذا الأمر وتسخير إمكاناتهم المادية والفنية في هذا المجال وهو مشروع يستحق الدعم والتشجيع ليواصل مسيرته، ولعل هذا المشروع يكون بإذن الله فاتحة خير عليهم وعلى غيرهم من ذوي الإعاقة وأن يتحقق مع هذا المشروع عدّة أهداف من أهمّها:
- توصيل رسالة للمجتمع من ذوي الإعاقة متى ما أتيحت لهم الفرصة وتمت مساندتهم ودعمهم في ممارسة بعض الأعمال الخاصة فسوف يبدعون فيها.
- رسالة تذكيرية بأن البيع والإنتاج من المنزل ليس عيباً ولا عاراً بل هو من أشرف الأعمال أن يكسب المرء من عمل يده وأسرته.
- رسالة لصندوق المئوية وداعمي الأسر المنتجة أن الدعم لا يتوقف فقط على المهرجانات والتصوير بل لابد أن يكون دعماً متكاملاً بدايةً من المرونة بإصدار التراخيص وحتى الدعم المالي.
- هذه التجربة هي في البداية قد تنجح وقد تفشل (ونسأل الله أن يكتب لها النجاح والتوفيق) ولكنها خطوة في الاتجاه الصحيح.
- هذه التجربة يجب ألا تتوقف عند بيع المنتجات المنزلية أو مماثلاتها فالمجال واسع ولكنها تجربة عملية عن مقدرة هذه الفئة على التعاطي مع المجتمع والعمل.
شكراً لهذين الشابّين على عزيمتهم وإرادتهم، وشكراً لأسرتهم على تشجيعهم ودعمهم. وهي بلاشك خطوة تستحق الإشادة والدعم والتشجيع وأن تدرس وتعمم وأن تتنوع. والله أسأل لهم ولغيرهم من هذه الفئة الغالية العون والسداد والبركة والتوفيق.