د.محمد بن سعد الشويعر
واستكمالاً لما تحدثنا عن في مقالنا السابق عن مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، هذه جذور وحقوق المرأة عندهم، ويريدون جذب المرأة المسلمة إلى منحدرات لم تأت عن شرع الله الذي شرع لعباده، لأن مطلب المنافقين الانحلال والفساد ويريدون نزع حجابها لأنه أوسع باب لنزع الحياء منها: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} النساء 27، وترك الحجاب هو مفسدة وتبرج وسفور {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} الأحزاب 33، والمرأة المسلمة قد رسمت تعاليم الإسلام حقوقها ومكانتها، ومن أحسن من الله حكماً، واهتم بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد أوصى بالنساء خيراً، واعتبرهن شقائق الرجال وقال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي». ولم تعرف المرأة المكانة الرفيعة لها إلا في ظل تعاليم الإسلام حتى أن من نساء الغرب تتمنى المكانة التي تتمتع بها المرأة المسلمة، إذ كانت المرأة مخاطبة بالتعاليم الدينية والحقوق هي والرجل سواء بسواء وقد جاء التشريع الإسلامي، بنص القرآن الكريم بوأها منزلة عالية في آيات كثيرة من كتاب الله يقول سبحانه في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} آية21، فالمرأة سكن للرجل، ولذلك سميت أهلاً، ترتاح لها نفسه وترتاح هي في ظل بيت الحياة الزوجية، بالحب المتبادل والعطف بينهما، لينشأ ثمرة هذا الزواج المتكافئ بأبناء وبنات تحوطهم المودة والرحمة، من الأبوين ليسعد بهم المجتمع، إذ نرى في سورة الأحزاب الخطاب من الله عز وجل للرجل والمرأة بالتساوي، حيث يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} الأحزاب 35، فهذا الأجر الجزيل، من أجل هذا العمل العظيم.
وفي وقت العولمة وظهور الشبكة العنكبوتية فأغلب الغربيين يعلمون ويعرفون هذا الخطاب الكريم الموجه للذكر والأنثى والتكريم لهما ومساواتهما في الحقوق والواجبات في الأمور التعبدية، فكتبوا محتجين!؟ إذ ليس للمرأة ذكر في كتبهم، وطالبوا بأن تتساوى المرأة الغربية بالمرأة المسلمة التي اهتمت بها الشريعة الإسلامية، فاجتمع رجال الدين في الديانة النصرانية لتعديل بعض الأسفار في ديانتهم ليقحموا المرأة في المخاطبة مع الرجل، وللاهتمام بالمرأة مثلما اهتم بها الإسلام، ولما وجدوا ما بين أيديهم من تشريعات، انقلبوا في دعوة لتحرير المرأة ويركزون على المرأة المسلمة ليفسدوها، ويزينون لها التمرد على تعاليم دينها.
كما رأينا وسمعنا من نساء الغرب ورجالهم من يطالبون حتى الآن عندما أطلق للمرأة عندهم العنان والحرية، بأن يؤخذ من تعاليم الإسلام، فيما يتعلق بالمرأة ما يضفي عليها الحياء والستر، وأن تعامل المرأة عندهم بمثل ما لدى المرأة المسلمة من حياء وستر وعمل، لأنهم رجالاً ونساء قد ملوا هذه الحرية المطلقة، ومن ضمن ما قرأنا عن مطالب العقلاء بأن تتفرغ في بيتها، فهو مملكتها، المنعكس على الأولاد الذين هم في أمس الحاجة لحنان الأم بدل تسليمهم للخادمات، وامتد هذا الشعور للزوج الذي لم يجد في ظل حرية المرأة وعملها الذي يغيبها عن البيت، ما يشعر به الرجل المسلم والمرأة المسلمة من المودة والرحمة والسكن الذي ذكره الله في كتابه الكريم في آية الروم التي مرت بنا، كما يدعون إلى رسالتها النسائية.
والحقيقة التي تتضمنها الإشارة إلى أنه من النفس الواحدة {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} كانت كفيلة لو أدركتها البشرية أن يوفر عليها تلك الأخطاء الأليمة التي تردت فيها وهي تتصور في المرأة شتى التصورات السخيفة، وتراها منبع الرجس والنجاسة، وأصل الشر والبلاء.
وهي من النفس الأولى فطرة وطبعاً، خلقها الله لتكون لها زوجاً، وليبث منها رجالاً كثيراً ونساء، فلا فارق في الأصل والفطرة، وإنما الفارق الوظيفة وما جذبت له قسراً.
وصدق الله في قوله: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} البقرة 120.
ويقول جورباتشوف، في كتابه «البيريسترويكا» في حديثه عن المرأة، وإن النظام الشيوعي قد أخطأ في توجيه مسار المرأة، ولكن طِوال سنوات تاريخها الشاق عجزنا عن أن نولي اهتماماً لحقوق المرأة الخاصة واحتياجاتها الناشئة، عن دورها كأم وربة منزل، ووظيفتها التعليمية التي لا غنى عنها بالنسبة للأطفال.
فالمرأة هي الأم والأخت والبنت، ورابطة النسب والحنان، وهي قوام الأسرة، وهي شطر يكمله الشطر الآخر، فلا فارق في الأصل والفطرة، وإنما الفارق في الاستعداد والوظيفة، ولذا جاء في الأثر: مسكين رجل بلا امرأة ومسكينة ثم مسكينة امرأة بلا زوج. وسبحان من خلق الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما رسالته في الحياة، ومخاطبتهما سوياً بالشرائع والأحكام.
أقول حقاً أن المرأة هي نصف المجتمع، واعلم يا رعاك الله أن من شك أو طعن أو عارض في شرع الله فهو كافر.
اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، واجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.