سامى اليوسف
إن أجمل صورة تعبيرية جسدت حال نادي الاتحاد العريق في اسمه، ونشأته، وإنجازاته، قبل تنصيب رئيسه «الذهبي» أحمد مسعود للمرة الثالثة رئيساً، في رأيي، هي تلك التي كتبها الأديب المصري الراحل محمد عبدالحليم عبدالله في روايته «قصة لم تتم»، وقال فيها:» إنه التاريخ الواقف هذه الأيام أمام سبورة الزمن كمدرس مرتبك، يكتب ويمسح حتى تستقر الصورة»، فالارتباك العام كان حاضرًا في المشهد الاتحادي بكل صوره.
لكن ما يفعله، وسيفعله «فخامة رئيس الاتحاد»، وهذا لقب أطلقه الصحافي المحترم عثمان أبوبكر مالي على الرئيس «المحترم» أحمد مسعود، والذي تصدى بشجاعة، وبعد إجماع كبار وعقلاء العميد لرئاسة هذا النادي الأعرق سعودياً في مرحلة تكليفه الانتقالية هي إعادة صياغة «الاتحاد الجديد»، والمرور بثقة من حالة الارتباك إلى حالة من الاستقرار تسبق عودة الازدهار في إطار خطة إعادة الأمل.
تساءلت قبل أيام: لماذا تزرع عودة الرئيس الذهبي للاتحاد في نفوسنا، ومعنا الاتحاديون الأنقياء مساحة من التفاؤل؟
ولخصت إجابتي: إن عودة رئيس الرباعية، وأول رئيس يحقق معه العميد لقبين آسيوي وعربي، سوف تعيد للاتحاد التالي:
* الهيبة والاستقلالية: عانى الاتحاد من ضعف شخصيات رؤسائه السابقين منذ بدء مرحلة التكاليف .. فلم يمر على النادي وجمهوره رئيس يفرض شخصيته التي تنعكس على إدارته لشؤون العميد مثل الأمير طلال بن منصور، والفقيدين الدكتورين عبدالفتاح ناظر وعدنان جمجوم والمسعود في فترتيه الرئاسيتين.. والقوة والهيبة تنعكس في المواقف والقرارات ومرتبطة بتحقيق الاستقلالية للنادي وألعابه، وبخاصة الفريق الكروي الأول بعيدًا عن التبعية والأجندة الخاصة.. فالاتحاد مثلاً يجب أن يلعب لاسمه وتاريخه أولاً وأخيرًا.
* الهدوء والحكمة: سمات شخصية الرئيس المخضرم مسعود، ومؤهلاته الأكاديمية، وخبراته، وتجاربه العملية، والإدارية في المناصب الرسمية التي تقلّدها، وكذلك في الدورتان الرئاسيتان.. جميعها تبرهن على أنه يظهر الكثير من الذكاء والحكمة حتى في تعاملاته مع الإعلام المناوئ له، وخصومه.. كان يكسب جولاته بفضل هدوئه وصبره والابتسامة تعلو محيّاه لذلك لا خوف عليه في خوض غمار الحروب التي سيفتعلها المعادون له في الأيام المقبلة لاستنزاف جهده، وإشغال إدارته لأنه مرّ بتجارب مماثلة تجاوزها بنجاح.
* التنظيم والترتيب: من أولويات المرحلة الحالية بعد «الجرد» ومراسم الاستلام إعادة التنظيم وترتيب البيت الاتحادي من الداخل بعد عجاج سنين الفوضى الذي أمرض العميد، وأصابه بـ«ربو الديون» سواء في الماضي البعيد، أو القريب.. ويقف على رأس هذه الأولويات إعادة الطيور المهاجرة من الشرفيين المؤثّرين، أو من البيوت التجارية المرموقة وهي ما اسميها بمرحلة «إعادة الثقة»، فالضبابية في التعاملات الإدارية والمالية السابقة نفرت الشرفيين المقتدرين والداعمين مالياً عن ناديهم.. ولعل الزيارات التي قام بها أبو عمر للأمير طلال بن منصور وبقشان وفتيحي والأفندي وأسماء مهمة ومؤثّرة لا تريد أن تظهر في الصورة خطوة غاية في الأهمية نحو إعادة الأمل، وترتيب الأوراق الاتحادية وتنظيمها.. كذلك المسارعة في إنهاء بعض الإجراءات المادية الحساسة مع اللاعبين الأجانب، وبعض المحليين والأندية تندرج ضمن مرحلة إعادة الثقة بالتنظيم والترتيب.
تكمن أهمية وحساسية المرحلة الاتحادية الحالية في كونها أشبه بعنق الزجاجة التي لا بد للعميد بكل ما أُوتي رجاله من قوة أن يمر من خلالها ليعود إلينا مجددًا كما عهدناه.. حاضرًا بقوة، وهيبة، واستقلالية.. ومنافساً شرساً في مشهد كرة القدم السعودية التي ظلت تعاني بابتعاد واحد من أهم أضلاعها الثابتين.
وهذه العودة تتطلب تظافر كافة الجهود، والالتفاف الشرفي والجماهيري والإعلامي مع إدارة «فخامة رئيس الاتحاد» بعيدًا عن الأنا، وتصفية الحسابات، والإقصاء.