الصبر هو حبس النفس عن الجزع والهلع والتشكي، فيحبس النفس عن التسخط، واللسان عن الشكوى والجوارح عما لا ينبغي فعله، وهو ثبات القلب على الأحكام القدرية والشرعية. وقد أمر الله تعالى نبيه بالصبر أسوة بمن سبقه من أولي العزم من الرسل فقال سبحانه: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}. وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الرباني الكريم، فصبر صبراً لا يقدر عليه أحد من البشر غيره. فكان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس صبراً، ابتلي باليتم والحاجة في صغره فصبر، وصبر على تكذيب المشركين ورميهم له بالسحر والكهانة والجنون وحب الظهور والرغبة في الملك. وصبر على مدارات الخلق ودعوتهم إلى الحق، وتأليف قلوبهم بعد طول شتات ونفرة. وصبر على فقد الأبناء والأصحاب والأحباب وعلى معاناة الآلام والأوجاع والأمراض، وعلى الفقر والجوع والحاجة.
لقد صبر صلى الله عليه وسلم على المخالفين صبر الكرام حتى قال عليه الصلاة والسلام عن نفسه: لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد وأُخفت في الله وما يخاف أحد، ومن أعظم الأمثلة على صبره في مقام الدعوة إلى الله تعالى ما لقيه من أهل الطائف من العنت والاستهزاء والسخرية ثم إنهم أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، لكنه صبر وصفح وتجاوز.
ومن صنوف صبره عليه الصلاة والسلام صبره على طاعة الله من طول قيام بالليل ومواصلة صيام في النهار وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر شكراً لربه عز وجل.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود