أبرز النبي صلى الله عليه وسلم خلق الأمانة ضمن منظومة القيم الأخلاقية من خلال سيرته العطرة فقد اتصف بها أيما اتصاف وربى عليها أصحابه رضي الله عنهم، وبين مكانتها العالية في الإسلام. أما عن اتصافه عليه الصلاة والسلام بهذا الخلق فقد كان قبل الرسالة مشهوراً بالصدق والأمانة حتى لقبه قومه بالأمين، وكان القوم -مع تكذيبهم له في رسالته- يضعون عنده أموالهم وودائعهم لأنهم يعلمون أمانته وتعظيمه شأن الأمانة. واختارته خديجة رضي الله عنها ليتجر في أموالها لما اشتهر به من الصدق والأمانة. وقال النضر بن الحارث لقريش: قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثاً وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر لا والله ما هو بساحر.
وقد شدد النبي عليه الصلاة والسلام في أمر الأمانة وحذر من إضاعتها لأن الأمانة إذا استمكنت في قلب العبد قام حينئذ بأداء التكاليف واغتنم ما يرد عليه فيها وجدّ في إقامتها، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى أهميتها في كمال الإيمان بقوله: (لا إيمان لمن لا أمانة له). وقد اقتدى الصحابة رضي الله عنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاتصاف بخلق الأمانة فتحملوا أمانة الدين خير تحمل وأدوها لمن بعدهم خير أداء فكانوا أمناء الله على دينه، كما اتصفوا بخلق الأمانة فيما بينهم وبين الناس فكانوا أكثر جيل عرفته البشرية في التحلي بخلق الأمانة فرضي الله عنهم أجمعين.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود