«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
يوم 18 رمضان من هذا الشهر المبارك تمر الذكرى الخامسة على رحيل الشيخ أبو العينين شعيشع. من أبرز المقرئين الذين يمكن أن يقال عنهم أنهم يمتلكون وبفضل الله سبحانه وتعالى موهبة متميزة في الترتيل بل يعتبر والحق يقال إنه من أصحاب المدارس الفريدة في الأداء القرآني فلم يشأ أن يكون مقلداً بل كان للهواية أثر كبير في تكوين أدائه حيث إنه كان يذهب لسماع القرآن في المناسبات المختلفة على الرغم من صغره وهو طفل، ففي نهاية الليلة القرآنية يشاهد طفلا نائما أسفل مقعد القارىء فلم يستطع أن يقاوم غريزة النوم عند الطفل.
ثم بعدما حصل على الابتدائية توفى والده وكان سنه لا يتجاوز التاسعة من عمره فألحت عليه هوايته فاتجه إلى حفظ القرآن الكريم فأجاده حفظاً وتجويداً في عامين. وهذا زمن قياسي ربما فريد من نوعه وكان على حداثة سنه يريد الناس سماعه لرخامة صوته وحلاوة نبراته فذاع صوته.
جاء ذلك في مقابلة معه نشرت في مجلة «التضامن» قبل 31 عاماً الصادرة في لندن أيامها. وقال رحمه الله إنه طاف في مختلف الدول العربية والإسلامية وكان أول قارىء سافر إلى الخارج ليكون رسولاً لبلاده، والإسلام، فقد قرأ في المسجد الاقصى سنوات عدة حيث كان يقرأ لإذاعة «الشرق الأدنى» وهو ما يزال في السابعة عشرة من عمره. وكان مولده سنة 1922م في قرية بيلا إحدى قرى الدلتا وهي الآن أحد مراكز محافظة كفر الشيخ.
هذا وذكر الشيخ في لقائه العديد من الذكريات والمواقف الطريفة واهتمام المسلمين في الدول العديدة التي زارها وقرأ القرآن فيها لأسابيع خصوصا في شهر رمضان المبارك فيقول عن تركيا والجزائر: أعجبت بالشباب المسلم هناك فلا تجد موضعا لقدم في أي مسجد رغم كثرة المساجد في تركيا وشهرتها على الرغم من هطول الأمطار أثناء الصلاة وحتى أثناء القراءة يضعون الشماسي على رؤوسهم حتى يستمعوا للقرآن ولم يكتفوا بهذا بل زد على ذلك السعيد منهم الذي يلمس جلباب قارىء القرآن الكريم فإنه يلمس الذي لمسه تبركاً والشباب يقبل على جميع أوقات الصلاة ومن دون استثناء لوقت بعينه فجميع الصلاوات تؤدي في المسجد ومن دون تراخ ومن دون تأخير.
وقال عن ساعات راحته: خلال راحتي أفضل سماع شيء من القرآن ولا مانع عندي من سماع الموسيقى الهائة التي لا تبعث الفتنة وسأحكي لكم موقفاً طريفاً: كنت مسافراً إلى الإسكندرية بالقطار في يوم ما منذ فترة طويلة وسمعت مقرئاً يجلس على رصيف محطة كفر الزيات وكان كفيفاً فأخذني جمال صوته وحلاوة قراءته فنزلت من القطار وانهمكت بسماعه ولم أفق إلا بعد انتهاء القراءة ولم أدري أن القطار تركني لأنني كنت في نشوة عظيمة.. ثم أكملت رحلتي بوسيلة أخرى.
فالقرآن هو كتاب الله الحكيم ومن حكم به عدل ومن قال به صدق ومن عمل به أجر.. والحديث عن الشيخ أبو العينين شعيشع طويل لا تتسع له هذه الاطلالة التي أحببت أن أكتبها في ذكرى رحيله الخامسة رحمه الله ورحم كل الراحلين من المسلمين كافة.. ورمضان كريم..