مكة المكرمة - سامي علي:
استنكر الشيخ الدكتور راشد بن عثمان الزهراني الجريمة البشعة والنكراء التي أقدم عليها شابان من أرباب الفكر الخارجي يوم أمس في حي الحمراء بمدينة الرياض، حيث قتلا أمهما، وطعنا والدهما، وأخيهما، في مشهد فظيع شنيع ضجت منه السموات السبع ومن فيهن، واستنكره الصَّغير والكبير من أبناء هذا البلد المبارك ، موضحاً أن هذه الجريمة مستنكرة وهي من أعظم وأفظع الظلم، مشيراً إلى أن ديننا الحنيف قد حرم الجنة على من عق والديه؛ فكيف بمن قتل والديه؟ جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - ( لعن الله من لعن والديه)، فكيف بمن قتل.
وأبان فضيلته أنه أرسل سؤالاً لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد شيخنا الشيخ صالح بن عبد العزيز ال الشيخ - حفظه الله - عما يتم تداوله من كلام منسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وعن توجيه معاليه لهذا النقل فرد معالي الوزير: قول شيخ الإسلام - رحمه الله - :»وإذا كان مشركاً جاز للولد قَتله وفي كراهته نزاع بين العلماء»، يقصد إذا تواجها في «الحرب» هذا في فئة المؤمنين والوالد في فئة الكافرين، يعني انه في هذه الحال فقط لا تنافي الآية: وبالوالدين إحسانا .
وأبان معاليه أن هذه المسألة ذكرها فقهاء المذاهب وَمِمَّا جاء في المذهب المالكي قول خليل في مختصره في قتال البغاة: (وكُره للرجل: قتل أبيه وورثته) مضيفا : وجاء في المذهب الحنفي قول الكاساني: في «بدائع الصنائع»: «ويكره للمسلم أن يبتدئ أباه الكافر الحربي بالقتل» ، مبيناً أن القول في هذا كثير، أمَّا القتل عنوة وغيلة وفي المدن فلا يقول به أحد من العلماء لا ابن تيمية ولا غيره، وهو حرام بالإجماع، وهو منطوق الآية وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) سورة لقمان . ومن نسب إلى العالم الجليل شيخ الإسلام ابن تيميه غير هذا فقد افترى على هذا الامام.
وقال الزهراني : إن أهل العلم أجمعوا على تجريم هذا العمل المشين الذي لا يقدم عليه إلا من زاغ فؤاده عن الطريق المستقيم وانتهج منهج الخوارج المارقين الذين وصفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - : (بكلاب النار).
وأما استدلال الخوارج بكلام شيخ الإسلام - رحمه الله - واستغلال بعض خصوم الشيخ لهذا الاستدلال في التشنيع عليه - رحمه الله - فنقول الخوارج فهموا القرآن والسنة فهمًا خاطئاً لعدم امتلاكهم أدوات الاستنباط، وبالتالي ضلوا عن الصراط المستقيم وارتكبوا بسبب هذا الضلال المحرمات، وما دام أنهم ضلوا في فهم كلام الله ورسوله، فمن باب أولى سيضلون في فهم غيره، وكما أن القرآن فيه محكم ومتشابه فكذلك في كلام الناس، وفكرة الانتقاء من الكلام المتشابه ما يوافق هوى المستدل فهي طريقة أهل الزيغ والفساد قال تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ أمنا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ .
ودعا فضيلته الجميع للوقوف بوجه هذه الفئات المجرمة التي تنشر القتل والإرهاب وتتخذ من الدين غطاء لأعمالهم الإجرامية المشينة التي هي بعيدة كل البعد عن الدين، بل وتنكرها الشرائع السماوية والفطر السوية، ودعا الجميع للتعاون مع الجهات الأمنية في الإبلاغ عن أي عابث يريد الإخلال بأمن هذه البلاد الطاهرة، كما دعا الأسر إلى متابعة أبنائها والتعاون مع الجهات الأمنية في حال ثبت الميل إلى الأفكار الضالة حماية لهم ولمجتمعهم، وتعاوناً على البر والتقوى.
واختتم فضيلته تصريحه سائلاً الله تعالى أن يحفظ بلادنا وأمنها واستقرارها من عبث العابثين وكيد الحاقدين وأن يحفظ شباب المسلمين، وأن يديم الأمن والأمان على جميع بلاد المسلمين.