أعودُ إليّ ..
ويا أيُّ هذا المطلُّ ببابيَ
هذا الصباحَ أجبنيَ :
ماذا تخبّئ لي من هدايا!!
أجمرَ احتراقكَ
أم وردةً من هناكَ
من القلبِ لم يمتلكْها سوايا!!
أم انسابَ كفُّكَ يرسمُ لي في المدى
ألفَ لونٍ من الشوقِ ..
يكتبُ صكَّ الودادِ وصدقَ النوايا
يحرّر بينَ فؤادي وبينَ السحابِ كتابَ الوصايا
يرتّبُ صفّ العصافيرِ نحو الفصولِ
ويكسُو الينابيعَ ثوباً من الزهوِ ..
يبرقُ ..
يبذرُ قلبيَ قمحاً
ويعزفني فوقَ عشبِ المراتعِ نايا
ويا مطلعَ الفجرِ قربَ الضفافِ بروحي
انهمرْ فوقَ تلِّ الأحاسيسِ سيلاً
من الدفءِ يغسلُ هذي الورودَ العرايا
وهاكَ استبحْ خوفَ هذي البساتينِ في الصدر ِ
أيقظْ رؤايا
أعودُ إليَّ ..
إلى موعدٍ بين طينِ الجدارِ القديمِ وبينَ منايا
إلى سقفِ دارٍ تقوّس فوقي
ليكتبَ عمّن بناهُ ألوفَ الحكايا
إلى صورةٍ في الإطارِ تطلُّ لجدّيَ
حيثُ استمرّ برحلةِ غيبٍ
يقولونَ عنها: المنايا
إلى ملعبِ الطفلِ فوقَ الرمالِ
يشيّدُ قصرَ الأماني
ويلقي عليهِ التحايا
إلى الخوفِ من (شرطةِ الحيِّ
يأتونَ ليلاً يديرونَ شأنَ الرعايا
إلى ضحكةِ الشمسِ تستنطقُ الكونَ حوليَ
حينَ تطرِّزُ ثوبَ الزهورِ يدايَا
أعودُ إليّ ..
إليكَ
إلى خفقِ قلبي.. ارتعاشاتِ كفّي.. ارتباكيَ
حينَ تمرُّ (هُدى) ابنةُ جاري
تزمّ التحيةَ خلفَ الشفاهِ حياءً
فتسقطُ منّي الأماني ضحايا
إلى دعوتينِ أثيريّتينِ على ثغرِ أميَ
- حينَ أهمُّ الرحيلَ - تلفُّهما في بريدِ الصلاةِ:
- رعاكَ إلهُ البرايا
- كفاكَ شرورَ البلايا
أيا سيّدَ الحلمِ:
أينَ التشابهُ بيني وبينَكَ!
ها قد كبرتَ.. تغرَّبتَ عنِّي
“العيونَ.. الأصابعَ.. نبضَ الفؤادِ..
الشرايينَ..
وردَ الدماءِ..
الخلايا”
اختلفنا:
فَحقاً سأذكركَ الآنَ بعدَ الثلاثينَ
تلكَ التي وزّعتني على كلّ دربٍ شظايا؟!
وما عادَ يصحبُكَ الغيمُ نحوَ الحقولِ
وما عادَ يهفو إليكَ فؤادُ الصبايا؟!
إذن ما اتَّفَقنا
فعدْ لي:
سأستنبطُ الآنَ حكماً
يفسّر كيفَ يكونُ اختلافُ الحقيقةِ
عمّا تقولُ المرايا
تعالَ اقتربْ
ولا لا تغبْ
فهذا الصباحُ..
انتظرتُكَ أنتَ تسافرُ حتّى أقاصي دمايا
تردُّ الشموسَ التي رافقتكَ
إلى آخرِ اللحنِ في أُغنياتِ صِبايا
تطاردُ وجهي
تعيدُ إليّ ملامحَ طفلٍ تركتُ ورايا
- جاسم عساكر