«الجزيرة» - محمد المنيف:
قبل أيام انتشر خبر تعددت مصادر فهم أبعاده حول ما يتم تجاه قرية المفتاحة في أبها البهية قاعدة عسير وقامة السياحة السعودية وصاحبة كاريزما الجمال في البيئة المؤطّرة بكرم أهلها، وامتلأت حسابات التشكيليين في منطقة عسير مع من تفاعل معهم من التشكيليين على مستوى المملكة باندفاع الغيورين على حضنهم التشكيلي الدافئ المتمثل في مراسم قرية المفتاحة في أبها مع ما تضمّه القرية من مرافق أخرى مثل: مركز الملك فهد الثقافي، وجمعية الثقافة والفنون، ومراسم للتشكيليين.
ذلك الخبر أو القرار الذي نشر في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمرئية لم يكن بالنسبة للفنانين واضح المعالم مع ما شكّلتهُ صدمة التوجيه بإخلاء المراسم في وقت مبكر قبل تنفيذ مشروع التطوير للقرية فأصبحت سبباً في تأثر الفنانين وتفاعلهم للتعبير عن مشاعرهم حيث جاء هذا الالتفاف منهم حول القرية خوفاً من أن تُلغَى تلك المراسم ما يجعل المطالبة ببقائها له ما يبرره نتيجة حرص هؤلاء الفنانين على مدينتهم أبها أولا وعلى إبقاء أحد معالمها العصرية والحضارية، وبما تحمله تلك المراسم والقرية بشكل خاص من شهادات توثقها فعاليات عالمية أقيمت في المراسم جمعت رواد الفن التشكيلي العربي عامة والسعودي خاصة وأجياله الجديدة في العديد من المهرجانات الثقافية التي تقيمها القرية بكل روافدها ومنها أنشطة المراسم التي كانت مبعث غبطة لكل من زارها أو أقام فيها فترة تنفيذ أحد البرامج، مع ما ولد فيها وترعرع من المواهب، كثير منهم وصلوا إلى العالمية من أبناء المنطقة من التشكيليين.
وَعْدٌ من رجل حريص
على أبنائه
إن ما تردد من أخبار حول القرية والمراسم لا يتوقف الاهتمام به عند التشكيليين في عسير فقط فالقرية والمراسم تحمل عبقاً ومصدر فخر لكلِّ التشكيليين في المملكة الذين كثيراً ما حملوا أمتعتهم وقطعوا المسافات في فترة ماضية للمشاركة في فعالياتها ولذا فالتشكيليون في كلِّ جزء من هذا الوطن يستشرفون ويأملون ويتفاءلون بالخطط التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير - حفظه الله - لمنطقة عسير عامة ومنها تطوير القرية في هذه المرحلة التي تتوافق وتنسجم وتواكب التحوّل العام في رؤية المملكة 2030، مع ما تشهد مواقف سموه الكريم الداعمة للمبدعين ومنهم التشكيليين كان آخرها تسليمه جوائز فوز عدد من الفنانين التشكيليين في مسابقة جائزة أبها للإبداع وغيرها كثير في هذا المجال فاليد التي تدعم وتشجع لا يمكن أن تهدم، كما أن ما قدّمه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بيمينه للفنانين التشكيليين لا شكَّ ستكملها شماله ولن يتوقف الدعم، ولهذا فإن علينا أن نتوقع الخير في قرار سموه الكريم بإعادة تأهيل القرية وترميمها كما جاء في تصريح المتحدث الإعلامي للإمارة، وإعادة النبض لقلب مدينة أبها لمستقبل طويل المدى يليق بضيوفها ويحقق ما يطمح إليه كلّ من ينتمي للثقافة ومنها الفنون التشكيلية، ليتوافق افتتاح ما طرأ عليها من تطوير مع مناسبة اختيار أبها عاصمة السياحة العربية عام 2017م، ولهذا فإن ما يُعَدُّ للقرية سيكون بإذن الله هاماً ومشرِّفاً لمدينة أبها وأهل عسير عامة بما يضاف إلى وجهها الجميل وتاريخها المتألق الكثير من المرافق وفي مقدمتها صالات للمعارض، ومراسم كبيرة تستوعب أعداداً أكبر من الفنانين، ما يبعث الطمأنينة إذا أخذنا في الاعتبار ما أشار إليه المتحدث الإعلامي حول ما يتعلق بالاستثمار سيكون في بعض المواقع الغير مستفاد منها والغير مستغلة. مع ما أضافه أنَّ القرية ستضم مكتبات ومطاعم وكافي شوبات على غرار المواقع العالمية المشابهة وهذا مبعث جلب للزوار وللمقيمين في أبها وما حولها فجميل أنَّ الزائر يمتِّع نظره وذائقته الجمالية في جوٍّ من الحراك الاقتصادي والسياحي.
قرية المفتاحة عِقْدٌ في جِيدِ ثقافة الوطن
للقرية قصة وكل حرف منها يشكل حبَّة لؤلؤ في جيد ثقافة وتراث الوطن، بدأت القصة بزيارات تفقدية متكررة قام بها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لقرية المفتاحة في الصيف عام 1408هـ.. فكانت فكرة أن تكون مركز جذب سياحي داخل المدينة.. يحمل خصوصية فنِّ المعمار في المنطقة.. فبرزت للوجود قرية قديمة حديثة في مبناها ومعناها.. أقيمت على الموقع السابق بأبعاد القرية القديمة وطرقاتها ومساحاتها.. تجسِّد عبر المعمار الحديث مداميك الماضي ورقته، ومصاريع بيبانه ونوافذه وزخرفتها وشرفات بيوته وميازيبها.
لحظة الولادة وإعلان الفرح بالقرية
وعلى مسرح القرية المكشوف وخلال إحدى فعاليات ملتقى أبها الثقافي المسائية، في صيف عام 1410هـ شعَّت الفرحة في وجوه ضيوف ملتقى أبها من رجال الفكر والثقافة والأدب والقلم ومن الفنانين والشعراء لافتتاح أول قرية تشكيلية في المملكة وهم يستمعون إلى الأمير خالد الفيصل وهو ينقل بشرى استحسان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - يرحمه الله - ومباركته لتضافر الجهد والبذل الذي تمخَّض عن إنجاز هذه القرية العروس، معلناً أمر رائد مسيرة العلم والثقافة الملك فهد بن عبد العزيز - يرحمه الله - بتحويل القرية إلى مركز ثقافي أطلق عليه في حينه مركز الملك فهد الثقافي بأبها، واعتبار قرية المفتاحة التشكيلية نواته وأهم مرافقه.. وتتوج تلك الفرحة رغبة الوالد الكبير في دفع تكاليف هذا المنجز من حسابه الخاص..
وفي عام 1411هـ تبنَّى الأمير خالد الفيصل تشييد صالة المعارض تلك على نفقته الخاصة صالة تُمكِّن القرية من استقطاب معارض الكتاب، والمعارض الثقافية والعلمية والإنتاجية والتجارية.. ومعارض المنجزات.
وما كاد ينتهي صيف عام 1413هـ حتى فاجأنا صاحب السمو الملكي الأمير خالد بمشروع آخر لتوسعة مرافق القرية تلمساً منه لزيادة دخل القرية يحفظه الله..
ومن ذلك التاريخ والقرية تقدِّم الكثير من المناسبات ولمختلف الفنون المسرحية والتشكيلية والفنون الشعبية، والمناسبات الرسمية واستقبلت العديد من الضيوف واستضافت الكثير من الفنانين.كما أقيم فيها معارض متنوعة لمختلف الفنون البصرية منها التشكيلية أو الفوتوغرافية أو معارض الكتاب وما زال العطاء مستمراً.
التطوير يمتد والخير يزداد
واليوم وبعد تلك المرحلة المشرفة للوطن عامة ولعسير على وجه الخصوص يحقُّ لنا أن نستبشر بما أقره أمير عسير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز ليكمل ما بدأه الأمير خالد الفيصل بجديد وحديث لن يقلَّ بل يتوازى ويكمل من سبقه.