لا أعلم لكنني معجب بهذا العنوان وهذا الشعار والذي تستخدمه العديد من وسائل الإعلام, رغم بعض التحفظات على ما تقدمه هذه الوسائل من برامج خاصة لرمضان تُعنى بالترفيه والإلهاء والعمل على أن ننسى الصيام وجوعه وعطشه ويمر علينا النهار سريعاً سريعاً, وهذا كله لا علاقة له بمفهوم الصوم أساساً, لكن لا بأس يبقى أن رمضان يجمعنا حقيقة احتار في كتابة مترادفة وراءها أقول أسفاً أم أقول فرحاً, أسفاً أن الكثير من الروابط الأسرية والعائلية والنوايا الحسنة لا يتم تفعيلها إلا بحضور رمضان, مع أن الأصل أن يكون هذا طوال العام قبل وبعد الشهر الفضيل, أما فرحاً فنعم لأننا فعلياً نجتمع ونلتقي ونتواصل ونرى البعيد الغائب ونزور القريب.. الغائبون عنه نحن أو الغائب عنا هو.
ليس لرمضان سلبية واحدة أبداً, بل نحن من نصنع السلبيات ونحن من نربطها بالصوم ورمضان, والأساس أن يكون شهراً اعتيادياً كبقية الشهور غير أننا نتفرغ فيه للعبادة أكثر وليس البدء في العبادة وإنهائها مع عيد الفطر, نلتقي فيه أكثر وليس نلتقي فيه فقط خلال العام, رمضان هو الإضافة والزيادة الخيرة الحسنة في كل شيء, لكن رمضان اليوم هو نقطة انطلاق تنتهي بآخر يوم فيه, لن أكثر من الانتقاد ولا ذكر السلبيات التي نصنعها نحن لكن وجب الإتيان على ذكرها من باب وذكر إن نفعت الذكرى.
رمضان يجمعنا بكل معاني المحبة, لنا فيه طقوسنا الخاصة وفي كل عام هنالك من ننظر مقعده ومجلسه ومكانه وقد شغر وأصبح فراغاً, منهم من ارتحل إلى جوار ربه ومنهم من سافر وارتحل في ضروب الدنيا, منهم من أخذ الشيطان فرصته بالإيقاع, ولكن أيضاً وفي كل عام يأتينا جديد من مولود أو زوج أو زوجة أو طالب أنهى دراسته أو خصيم تراضينا معه وأفسدنا معاً مخططات إبليس لعنه الله, لكل منا ذكرياته الخاصة في رمضان من بدء الوعي الطفولي مروراً بالمراهقة والدراسة ورب الأسرة, في كل عام يأتي رمضان علينا تعود معه تلك الذكريات وتتوالد من جديد كأنها اليوم أول حدوثها.
رمضان الماضي كان معي أخي وعضيدي - يرحمه الله - أمجد أبو سليمان, وكان مثل كل رمضان لنا معاً منذ أن التقينا على هذه الدنيا, غير أن القدر كان له ترتيب آخر لأبي سليمان, كان له موعد قد ضرب بالرحيل, ذهب أمجد بجسده الفاني وإلى خالقها عادت روحه الطاهرة, لكن بقيت أنا وإياه في رمضان أنتظره كل عام لتجمعنا من جديد, فرحاً أو حزناً أيام كنا قد عشناها فإن أجمل ما في الأمر أننا قد عشناها وخبرناها معاً, في كل رمضان نجتمع فيه من جديد يعود أمجد وتعود أجمل اللحظات والذكريات, وتتسلل معها ذكرى الرحيل اللهم لا اعتراض على حكمك.
الحمد لله دائماً أبداً على ما أخذ وعلى ما أعطى، لكنها النفس حين تتوق إلى ذكر الأحبة، أعلم أن مسلسل الرحيل هو المسلسل الوحيد الذي لا ينتهي حتى يرث الله الأرض وما عليها، لكننا سنبقى نتوقف في استراحة واحدة اسمها رمضان لنعيد مشاهدة ما بث من حلقات في ماضينا، علنا نتعلم ونتذكر دائماً أننا كلنا مشاركون في هذا العمل الإلهي وأننا كلنا على موعد، غير أننا سنبقى نفرح بك يا رمضان فلا تقلق ستبقى أنت الأجمل وتبقى أن من يجمعنا ولو بالنوايا رغم تشعبات كل شيء، طرق ومصالح ومطامع.
كل عام وأنتم والوطن بكل الخير.
- طلال الحربي