تكتسب الزيارة التاريخية التي قام بها ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أهمية تاريخية نظرًا للمنعطف الذي يمر به العالم في هذه الحقبة التاريخية، وللدور الذي تلعبه الدولتان إقليميًا وعالميًا في مجريات الأحداث الاقتصادية والسياسية التي ترسم وتشكل خريطة العالم الجديد، فالمملكة العربية السعودية بما تمتلكه من قوى اقتصادية، ودينية، وسياسية، وديموجرافية برهنت على قدرتها على مساعدة الشرق الأوسط في الخروج من المأزق المتردي الذي يمر به بسبب جموح دول إقليمية تسعى للهيمنة على مقدرات شعوب أخرى، إيران وإسرائيل مثال على ذلك.
المملكة في عهد الملك سلمان تمتلك الردع والفعل، إعادة الشرعية إلى اليمن، الحرب على داعش، رعد الشمال آليات انتزعت بها الرياض تحرير القرار السعودي والعربي والإسلامي من دعاة الإرهاب والضلال والتطرف.
كمواطن سعودي أتابع عن كثب، وأتفاعل بقوة مع قضايا وطني، أنظر إلى زيارة ولي ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبما يمتلكه الأمير الشاب من كاريزما وقوة تأثير طاغية في هذا التوقيت الذي تتهيأ فيه واشنطن لعهد جديد، أن المملكة بصدد صياغة علاقة جديدة مع واشنطن تراعي الوزن الدولي، والإقليمي، والسياسي، والاقتصادي الذي اكتسبته المملكة طيلة العقود الماضية، شتان بين المملكة اليوم والمملكة الناهضة في أواسط القرن الماضي، استطيع أن أصف هذه الزيارة التاريخية بأنها إنجاز ضخم يضاف إلى سجلات التاريخ البشري، لأنها سوف تعيد الجموح الأمريكي إلى جادة الطريق مرة أخرى، وتؤكد بوضوح أن المملكة العربية السعوية بعمقها العربي والإسلامي قادرة على صياغة منظومة القيم التي تحكم العالم وتتحكم في دوله على أسس من العدالة والإنصاف، وتعلي من القيم الإنسانية، في مواجهة العنصرية والتطرف.
لقد جاءت زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والسعودية تدير منطقة الشرق الأوسط، وتعيد صياغة أطره من جديد بما يخدم الإنسانية جمعاء، بمعني أكثر وضوحًا أن الأمير محمد بن سلمان يقف في واشنطن في الوقت الذي حققت فيه بلاده خلال عام واحد إنجازات أقل ما توصف بأنها استثنائية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، فالأمير الشاب أطلق قبيل سفره رؤية المملكة 2030 التي من شأنها أن تسرع من قطار التنمية وتعدد من مصادره، وتنوع من مجالاته، وتضع المملكة في مكانتها اللائقة كدولة محورية فاعلة تشارك في قيادة العالم على أسس ومبادئ جديدة تراعي التنوع البشري والإنساني ومصالح الشعوب المقهورة لعقود، وربما لقرون، المملكة في ظل عهد الملك سلمان تساعد في بناء عالم جديد.
لا جدال في أن العلاقات السعودية الأمريكية عميقة ومتجذرة، تسودها الثقة والصراحة والوضوح، والسعي إلى مزيد من تنمية وربط المصالح والشراكات الاقتصادية والتنموية، للتأكيد على مستقبل العلاقات بين الدولتين، وزيارة سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع تأتي في هذا السياق الطبيعي للعلاقات الإيجابية المتفردة التي سادت منذ نشأتها على يد الموحد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، فنتائج الزيارة سوف تكون نقطة مهمة في جذب ما يعزز قوتنا الاقتصادية التي كانت وما زالت وستظل عامل استقرار مهمًا في اقتصاد العالم ككل.
لا شك أن ما يسعى إليه ولي ولي العهد من جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأمريكية، سيأتي بفوائد عديدة منها جذب وتوطين التقنيات والتجارب الإدارية، وسواء كانت القطاعات نفطية، أو بتروكيماوية، أو صناعية، أو عسكرية، فأي إضافة من الولايات المتحدة الأمريكية وهي رائدة التقنية في هذه القطاعات بلا منازع، سينعكس إيجابيًا على واقعنا الاقتصادي، فشريك اقتصادي بقوة الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية والسياسية والعسكرية مهم لنا في تعزيز واقعنا في المنطقة والعالم على حد سواء، ويفتح لنا مجالات استثمارية متعددة وفرصًا تحقق لنا عوائد مجزية وتجارب ثرية.
- راشد العبد اللطيف