د. فاطمة العتيبي
في 2001 ساهم ملف الإرهاب بدعم علاقة الدولتين الجارتين (السعودية واليمن)، وأصبح من الضرورة التنسيق أمنياً وسياسياً بعد أحداث 11 سبتمبر وتحول السعودية إلى ساحة متضررة من الإرهاب ومحاربة له. كما تحولت جبال اليمن إلى ملجأ لعناصر القاعدة، ومثل ذلك خطراً أمنياً لابد من التعاون في تحجيمه وتجفيف منابعه.
في 2004 قاد حسين بدر الدين الحوثي أول مواجهة مع الحكومة اليمنية وَقّاد الحركة الحوثية المنشقة عن الزيدية بعد أن انبثقت عن منتدى ثقافي ظهر بعد توحيد اليمن، وكان يناقش قضايا ثقافية وحوله إلى تنظيم سياسي خميني اثني عشري عام 1997 ورفع شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل) وكان يجد التمويل من طهران.
وتكررت المواجهات بين الحوثيين والحكومة اليمنية في 2005. وأشغلوا الحكومة اليمنية واتخذتهم ورقة للضغط على دول الخليج والحصول على المزيد من المعونات.
وتجرأ الحوثيون على الحدود السعودية في محاولة لجر السعودية لتدخل في الأوضاع السيئة التي تعيشها اليمن بتغذية من إيران وردت السعودية رداً قوياً من على حدودها في 2009 ألقم الحوثيين حجراً.
عاد الحوثيون بقيادة عبد الملك الحوثي للمشاركة في الثورة على علي عبدالله صالح في 2011، واعترافاً بدور صالح في الشرعية اليمنية استضافته المملكة في مستشفياتها وتم علاجه من حروق شديدة أصابته من الثوريين.
تلقت الحركة الحوثية دعماً مضاعفاً من إيران وتوسعت عسكرياً في السنوات الثلاث التي أعقبت الثورة حتى 2014, إذ غدر صالح بالجميع وتحالف مع عبدالملك الحوثي الذي لعب دور نصرالله واحتل بمليشياته صنعاء وأحدث فوضى عارمة في الشارع اليمني، وعلى الرغم من أن المبادرة الخليجية هدفها حقن دماء اليمنيين إلا أن توقيع اتفاقية السلم والشراكة التي وقعتها الأطراف اليمنية تحت ضغط الحوثيين قطع الطريق على تطبيق المبادرة الخليجية.
تطور الوضع بصورة غير متوقعة وفقد الرئيس اليمني منصور هادي دعم الجنوب بعد محاصرته، وما كان من بد حينها من ترك الشهامة العربية تتجلى وتظهر لنجدة الشرعية اليمنية، فكان التحالف العربي وكانت معركة الحزم بموافقة مجلس الأمن بالقرار رقم 2216 في 14/ أبريل/ 2016 لإعادة الشرعية لليمن وحقن دماء اليمنيين وإخماد نار الفتنة التي تشعل أوارها إيران بالتلويح بورقة الطائفية الزيدية.
تم إعادة الشرعية اليمنية واسترد اليمنيون كرامتهم تحت حماية التحالف العربي، وتم تدمير قوة الحوثي وميلشياته. ويعمل اليوم التحالف العربي على إعمار اليمن.
والفصل المهم في علاقة السعودية واليمن هو المستقبل الذي تتطلع له الدولتان، والذي تظهر ملامحه جلية في سعي كلتا الدولتين للعمل السياسي والدبلوماسي، وتقدّر فصائل اليمنيين موقف السعودية النبيل الذي اتخذته لإنقاذ اليمن، وتقدر موقفها في إنهاء الحرب تقديرا للضغوط الدولية. مع أن كثيراً من اليمنيين يتمنون استمرار الحرب، لكن من الحنكة السياسية أن تبذل الجهود في التوفيق بين مختلف فصائل العمل السياسي في اليمن بمن فيهم الحوثيون. فكيف سيكون ذلك؟