من القيم الأخلاقية في السيرة النبوية التي تمس حاجة كافة المجتمعات بمختلف الشرائح إليها اليوم قيمة الصدق، ويقصد بالصدق مطابقة القول الضمير والمُخْبَر عنه معا. ومنه الصدق في الأقوال والصدق في الأفعال والصدق في الأحوال.
وكان صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في الصدق فهو الصادق المصدوق وهو محفوظ اللسان من تحريف في القول والاسترسال في خبر يكون إلى الكذب منسوباً وللصدق مجانباً، فإنه لم يزل مشهوداً له بالصدق في خبره حتى أصبح بالصدق مرموقاً وبالأمانة مرسوماً، وشهد له بالصدق القاصي والداني ولم يجرب عليه كذب قط. ولذا لما أمره الله تعالى بإنذار العشيرة الأقربين أولاً في قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} صعد صلى الله عليه وسلم على الصفا وجعل ينادي: يا بني فهر! يا بني عدي! لبطون قريش حتى اجتمعوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: نعم؛ ما جربنا عليك إلا صدقا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد).
وهذا عبد الله بن سلام يقول عنه عليه الصلاة والسلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه وقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت لأنظر إليه فلما استبنت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. وهو يومئذ أي عبد الله بن سلام على دين اليهود.
واعترف بصدقه عليه الصلاة والسلام شركاؤه في التجارة قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يلتزم الصدق حتى في مزاحه ومداعبته لأصحابه فلا يقول إلا حقا.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com