الجزيرة - أحمد المغلوث:
الصوم كما يعرف الجميع الركن الرابع من أركان الإسلام، وفي مقدمة الفرائض التي فرضها الله جلت قدرته وعظمت إرادته عبر التاريخ الإنساني حتى يرتفع الإنسان إلى المستوى الرفيع والشفيف الذي أراده الله له.. فهو رياضة روحية وعبادة بدنية وجدت من قديم.. وحتى ترتفع الإنسانية من أوحال المادة وتتسامى عن الانغماس في مضارها.. والصوم على اختلاف الأديان والمذاهب.. تصفية للنفس وتطهير للضمير الإنساني.. ومنذ الصغر غرس أساتذتنا في المدارس ومن خلال كتب الفقه والحديث أهمية اهتمامنا ونحن صغار بالصوم والتعود عليه مبكراً.. وتضاعف هذا الاهتمام برعاية أولياء أمورنا وأسرنا بهذه الفريضة، ولقد أشار ربنا جل جلاله في محكم كتابه بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. وإذا عدنا إلى التاريخ القديم نجد أن المصريين القدماء كانوا يصومون في أعيادهم، وأيضاً الكهنة كانوا يصومون من أسبوع إلى ستة أسابيع كل عام.. والصينيون كانوا يصومون عدداً محدوداً من الأيام في الشهور القمرية، وأخذ اليونانيون عادة الصوم عن المصريين القدماء.. أما اليهود فإن نبي الله موسى عليه السلام صام أربعين يوماً وقبل التوراة فرض عليهم صيام اليوم العاشر من الشهر السابع واليوم التاسع من الشهر الثامن وعند النصارى ورد أن نبي الله عيسى عليه السلام صام أربعين يوماً قبل بدء رسالته.؟! ولقد فرض الإسلام صيام رمضان المبارك وحرص أسلافنا الصالحون على رعاية حرمة هذا الشهر فكانوا يستقبلونه بأجل معاني التكريم والتعظيم والإعزاز ويعطونه حقه عليهم.. فيطرحون شهواتهم الجسدية والمباذل الخلقية لما كانوا يعرفونه من فضل الصوم وجميل وروعة ثوابه..
والصوم قبل وبعد عبادة من أقرب العبادات التي أضافها خالقنا جلت قدرته وعظمت إرادته إلى نفسه يقول في الحديث القدسي: إلا الصوم فهو فإنه (لي) وأنا أجزي به.. وهكذا نجد ارتباط الصوم بالخالق عز وجل.. وما أروع ذلك.. وها نحن نشاهد مئات الملايين من المسلمين يصومون رمضان بسعادة وغبطة بل نجدهم ومنذ (إطلالته) عليهم ورؤية هلاله يتراكضون أفراداً وجماعات ليباركوا بعضهم بعضاً بمناسبة قدومه.. ومع تسارع أيامه المباركة.. هناك من يحرص على التوجه لبيت الله الحرام للعمرة وصيام عدة أيام في رحاب مكة المكرمة.. والاستمتاع بسماع الأحاديث التي يلقيها مشايخ الحرم في رحابه ويعيش قدسية المكان وصيام أيام من رمضان تحت سماء بيت الله والكعبة الشريفة.. وهكذا يشعر المسلم الصائم بسعادة عظيمة وهو يؤدي فريضة الصيام.. داعياً الله ومبتهلاً أن يجمعنا دائماً كمسلمين على الحق وينصرنا على الأعداء بالإرادة القوية.. وأن يعيد علينا شهر رمضان والأمة الإسلامية بخير.. وأن يسود الأمن والسلام مختلف دول العالم وعلى الأخص من تعاني من الحروب والإرهاب.. إنه سميع مجيب..؟!