فهد بن أحمد الصالح
لعل فئة الشباب والرجال الذين لم يتجاوزوا الخمسين هم الاكثر سعادة بالرؤية ومحاورها وبرامجها وتطلعاتها لأنهم يقرأون المستقبل الذي سيعيشونه خلال الخمس عشرة سنة القادمة مع تحقيق المئات من المبادرات في العشرات من القطاعات، وهؤلاء هم الاكثر ارتباطاً بالمشهد الرياضي وهم المهتمون به أكثر أو هم من يتطلع الى مستقبل زاهر فيه، وقد عبروا عن رضاهم بالتوجه الجاد في سرعة خصخصة الرياضة بكل تفاصيلها الممكنة ووجود أندية تجارية منافسة مع الأندية الممارسة التي يمكن ان يُستثمر فيها وبشكل يحقق الربحية للمكتتبين أو المساهمين فيها بعد اتضاح القيمة التسويقية وإجراء التقييم الخاص بها والذي سبق الاعلان عنه وعن معاييره وكذلك المضاربون في أسهمها بعد طرحها، وهذا يعني ان الرياضة أصبحت بدل الاعتماد على الدولة ستكون عاملاً مؤثراً في الناتج المحلي لأنها ستدار بفكر خاص يهدف للربح مع المحافظة على العادات والتقاليد والتعاليم الدينية التي قامت عليها الدولة بكل مقوماتها التي نفتخر فيها ونفاخر بها.
هذا المدخل سيقودنا مع انطلاقة هيئتنا الرياضية نحو تحقيق أهدافها في رؤية وطننا الغالي 2030 الى السؤال الذي تكرر طرحه وتم التنظير بالإجابة عنه ولكن لا يزال معلقاً وهو كيف سيكون واقع السلوك الرياضي مع الرؤية وما هو الدور الواجب على الهيئة نحو جعله واقعا نتشرف بوجوده في حركتنا الرياضية، وهل ستبعد الهيئة لكونها جهة تشريع ومراقبة وضمان الجو التنافسي والاستثماري بين جميع الاندية عن ذلك الهاجس وتجعله من مهام الاندية دون ان تكون ذات قوة سيادية تفرض ما تراه محققا للتميز أو طاردة لما تراه ضده خاصة وأننا نشاهد بين فترة وأخرى داخل الملعب وخارجه صورا وسلوكاً لا نقبل ان تكون في مجتمعنا حتى وإن كان على نطاق ضيق، والقبح دون شك لا يُقبل تعميمه مثلما الحُسن من الصعوبة كذلك ان يكون شاملاً خاصة وان السكوت عن الشيء مدعاة الى انتشاره والتأثير على الاخرين بالسلبية سيتحقق لأن النشء الصغير يأتي مقلداً لمن يراهم مثلاً أو حتى من باب التشجيع والإعجاب بالنادي أو اللاعب.
ومع الصرامة وتقرير العقاب على اللاعبين أصحاب السلوك غير الحسن داخل الملعب وخارجه ونشر العقوبات التدريجية وإلزام الاندية بتطبيقها وتحميل الاندية جزءا منها لأنها الحاضن للاعب وتستطيع ان تعالج سلوكه وترتقي بتعامله اولا بأول، ولكي نقول: إن السلوك الرياضي احد مطالب الرؤية الوطنية لعقد ونصف قادم فإن الهيئة الرياضية مطالبة بتبني جائزتين لتحقيق التميز فيه على ارض الواقع وقد يستحق المقام أكثر بعد أن يكون هذا هدفا رياضيا والجائزتان هما:-
- جائزة اللعب النظيف، وهي جائزة كانت موجودة سابقاً وكانت ذات اثر ايجابي تفاخر فيها الاندية وتتعلق بالسلوك المهاري واللفظي والحركي داخل الملعب وقلة عدد الكروت وعدم خلق خصومات مع الطرف الآخر وكذلك الارتقاء بالمنافسة الرياضية دون استخدام العنف مع الخصم فالرياضة لم تكن يوماً من الايام الا لتحقق التنافس الشريف، مع التأكيد على دور رؤساء الاندية والجماهير في نبذ التعصب وعدم شحن اللاعبين قبل المباريات التي يخوضونها.
- جائزة السلوك الرياضي، وتعني بالمظهر الخارجي للاعب ولباسه قصات شعره التي تعاقب عليها الأنظمة الشبابية لو طبقت، وكذلك التصرفات المسيئة للآخرين وللنادي خارج الملعب مثلما شاهدنا في العديد من المقاطع وعبر قنوات التواصل حتى ولو كانت امورا خاصة لأن اللاعب مؤثر في مجتمعه، وقياس ثقافة المسؤولية الاجتماعية لديه وعلاقته بالناس وبالمعجبين به ومدى تحقيقه للقدوة الحسنة في تصرفاته، ومدى التزامه بالنظام والآداب العامة.
وختاماً، لا نشك مطلقاً ان قيادتنا الحكيمة ورئيس هيئتنا الرياضية وكذلك القائمون على الاندية لا يرضيهم السلوك المشين من اللاعبين داخل الملعب وخارجه بل إن ذلك يحرجهم كثيراً ولا يجعل بيئة الرياضة بيئة جاذبه، ويفقدها الرضاء المجتمعي بصورة عامة بل ويجعل الاسر لا تتشرف أن أحد أبنائها انضم اليها، ولهذا فإن الالتزام بالسلوك الرياضي المتميز مطلب قبل الرؤية مثلما هو الآن مطلب وتطلع والجميع يترقب دور الهيئة وربما يكون أقوى من واقعها السابق الذي قد يحتم المجاملة والتغاضي، ولا نظن ان نجاح الجائزتين سيكون فاعلاً إن لم تشترك فيه الهيئة الرياضية والنادي والجماهير ليكي يكون تقييم اللاعب من الاطراف المعنية به مباشرة على ان يتم الترشيح لهذه الجائزة بالتنسيق مع النادي وتقييم الجماهير عبر موقع يعلن عنه مسبقاً وحضور الرأي الإعلامي الرياضي في ذلك لأنهم اقرب الى اللاعب من أي جهة اخرى خاصة في ظل تعدد قنوات الرصد من مقروء ومسموع ومشاهد، وستسجل الفائدة من رقي السلوك الرياضي للمجتمع وللاعب وللرياضة ولسمعة الوطن وسلامة اطراف المشهد الرياضي وحرصهم على أن تكون الاخلاق قبل الرياضة، فبالأخلاق هي التي سادت بها الامم وبدونها فلن تسود أو ترتقي أو تتميز في شيء.