كل الوقائع المتجولة من حولي والمحيطة بي تشير إلى انغماس اللحظة بخاطري في انسجام او تناقض كلاهما ينتج فلسفته من آخره لتتوازن فيهما المقاطع العشقية وربما انهمرت في معزوفة تبتكر فطريتها بذوق تسكبه المقامات على آلة القانون.
إننا لانحسن تربية السائد على احترام تغيراتنا وقبولها بل إن السائد هو من يربي فينا كدر التغير حسبما يعن لأحوالنا عندما يخنقنا النمطي بفنائه التدريجي.
ينفضني الجريان الخالد لكل نهر ويدعوني المشهد أن أبتهل وأخشع لفخامة تلك الشلالات الصاخبة في سكوني لتؤالف بين تناقضاتي و تحرس مخيلتي فيما يشبه السبق المذهل لحالة الإلهام ويوحي إلي بسيميائية المعنى في لفظه البليغ.
هذا الحفيف المحشتد في قلب الكون وعلى جسد العالم ليس إلا تجانسا فطريا مرموقا كالذي يحصل عادة بين عشبة وأخرى على أرض الله التي تتسع للغابات والأغصان والجذوع وتكثر الأسباب التي تصوغ الحياة لتبدو حديقة شخصية تستوعب ضمائر الفقراء والمساكين والمشردين والصعاليك وعابري السبل ومن يبحثون عن ظلالهم دون مقابل مادي.
إذا تكاثرت من حولك تقاسيم الجمال من خلال هضبة شاهقة منسجمة مع عوامل الانفتاح على الأفق السماوي الذي يهب النجوم بريقا يعبئ الحياة بالأحلام والأمنيات من خلال التأمل الذي لاينقطع عن السكينة في حياة لاتتوقف عند غد.
بين حفيف الشجر وخرير الماء هناك شغف لاينتهي يبوح به كلاهما بسلام وشعائر لايدركها أحد كما هي وإن حدس بأنها سورة الطبيعة التي تتهجد السكينة برغم الحياة الغامرة. إنها فلسفة تشبه العدم والوجود في آن.
تهدأ المشاعر في خفة موسيقية لتنفض الركود وتتخلق. ذلك التمازج عاطفة متربصة ترهف السمع للحواس المتوائمة مع الحي فينا دونما انزياح نحو الخيال البحت، في طلاقة لاتتوشح أية ايدلوجيا او صراط، انها لحظة التجلي المتحفزة بين تقبل ماكان وانتظار ماسيكون.
لا تتوقف الحياة عند مهبط أو آخر لتلقي التحية على عباداتها وطقوس توبتها بل تنهمر من لحظتها الراهنة في إسراف متحفز للحاق بالغيبي .
تُرى، لماذا لاتتفتح الوردة على مجرد غصن وتنتظر قطف يد تحسن رعايتها عند أوراق ذبولها الأخيرة. هذا اليقين بالكفن هو الخلود الذي يبحث عنا ونتجاهل فكرته دون أن نستعين بفلسفة الموت على صراط مستقيم. ونتهرب من الإيمان بقضاء وقدر ربما يحسن قراءة حين احتضارنا.
أنا تلك الفكرة الموجوعة بالوقت المسومة بفجيعة الإحباط عند أول نازلة تقيد اسمي ضمن الفاشلين في التمارين الافتراضية لخوض مستقبل يجيد المغامرة بتهور أثير .
لافرق بين هطول وآخر سواء حدث من صدر غيمة أو من سفح جبل او من عمق محيط.. فالغرق واحد والنتيجة مفرطة في تأويل حالة الذهول. لاشيء يحل محل شيء فالماضي شفرة حادة و الحاضر والمستقبل حيرتان لايستطاع الفصل بينهما.
كل مايسترعي تأجيل لحظة الحرمان هو جدير باحتمالات التغيير دون وازع محدد او تصور متوقع. كن صديقا لماهو ممكن ولماليس ممكنا أيضا، لتكسب ذاتك طاقتها واقتدارها على السير في مهرجان التمدن وتكون المرونة والتكيف شريعتك التي تبذلها لتعيش وتتعايش في حالة سلمية.دونما هزيمة او صراع لاتكسب من جرائه بل تخسر حتى ذاتك .فكما ان للكون سمات فلك ايضا سمة وهي التمدن.
إننا نتشابه في تحفيز العالم على تذوق الكون والحياة بمكوناتها التي تضيء اتجاهاتنا المتواصلة للسعي في الأرض.
- هدى الدغفق