أعلنت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون خطتها الإستراتيجية تماهياً مع الرؤية الوطنية 2030 وتماشياً مع إعلان أغلب المؤسسات الحكومية لخططها الإستراتيجية عبر برنامج التحول الوطني، وقد استهدفت الجمعية الوصول لمليوني متذوق ومتذوقة لبرامجها وفعالياتها الفنية في مختلف مناطق ومحافظات وقرى المملكة خلا الثلاث سنوات القادمة.
في حفل بهيج احتفل الوطن بسابقة من إحدى مؤسسات المجتمع المدني بإطلاق خطتها الإستراتيجية، لتتماهى وبكل احترافية مع الرؤية الوطنية 2030 وتنافس المؤسسات الحكومية والذي أُعلنت خططهم الإستراتيجية ضمن برنامج التحول الوطني، فقد أعلنت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون خطة طموحة تهدف لتستقطب لبرامجها وفعالياتها 2 مليون متذوق ومتذوقة في مختلف مناطق ومحافظات وقرى المملكة خلال الثلاث سنوات القادمة .
نستعرض اليوم بعض توجهات وتفاصيل الخطة الوطنية للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وهي بمثابة الحلم الذي ينتظره مجتمع متعطش لفنون تُرضي ذائقته وتستثمر أوقاته وتحقق له المتعة والفائدة:
ركائز الخطة الإستراتيجية
وطن شبابه مبدع وطموح، موروث ثقافي وفني عميق يستحق أن يشاد به، في ظل قيادة حكيمة تقدر ذلك.
ومما لا شك فيه بأن المجتمع السعودي مجتمع شاب، حيث تمثل نسبة الشباب 65 % من إجمالي السكان، ولدينا طاقات إبداعية متفجرة ومنتشرة كشفت لنا ثورة الإنترنت غطاءها وأبرزت لنا العديد من المواهب الشابة في مختلف الفنون، وكذلك يتمتع المجتمع السعودي بجغرافية ثقافية متعددة ومتنوعة ذات أصالة فنية وعمق تاريخي تستلزم من المسؤولين عن الثقافة والفنون تسليط الضوء عليها محلياً ودولياً بالبحث والدراسة وكسب عدد من الاستحقاقات والجوائز، ورغم أن ذلك تحدي كبير وطموح إلا أنه في متناول اليد في ظل الدعم من قيادة حكيمة مشجّعة للموروث الثقافي والفني لهذه القارة العالمية التي تسمى المملكة العربية السعودية.
الانتشار الجغرافي
تحظى جمعية الثقافة والفنون بمقدرات مكانية وبشرية تتمثل في 16 فرعاً في مختلف مناطق المملكة وتسعى كذلك إلى التوسع عن طريق تعيين ممثلين محليين من ذوي الكفاءة والخبرة. وذلك يعتبر مصدر قوة للجمعية لتحقيق أهدافها الإستراتيجية ولتنفيذ برامجها وفعالياتها في مناخ فني مليءٍ بالتنوع والتعدد وتلك ميزة فنية تحفّز التنافسية نحو الإبداع.
استدامة الدخل
مصادر تمويل البرامج والمبادرات والمشروعات باتت مشكلة وطنية في ظل عقود من الاعتماد على الدعم الحكومي الذي يستمد السيولة من المورد (شبة الوحيد) النفط، وبانخفاض لأسعار النفط لمستويات متدنية تم رفع الدعم الحكومي عن أغلب مؤسسات المجتمع المدني التي تعتمد عليه، وطال ذلك التأثر حتى مؤسسات القطاع الخاص التي كانت تعتمد كلياً على المناقصات الحكومية في تسيير أعمالها، ولذلك عمدت جمعية الثقافة والفنون في رسم خطتها المالية المستقبلية بابتكار عدة حلول مالية لضمان استدامة الدخل والسعي نحو إنجاح البرامج والفعاليات وذلك عن طريق استثمار الأصول وتنويع مصادر الدخل ومنها: صندوق الفنون والذي يعتمد على الاستفادة من استثمار الأصول وجلب الرعايات واستقطاب الهبات والتبرعات من رجال الأعمال المهتمين بالثقافة والفنون وذلك لدعم الفعاليات والتدريب والتطوير ودعم المشاريع الناشئة. ومن الحلول استثمار مركز الثقافة والفنون والاستفادة من أرباحه فهو يحوي قاعات متعددة واستديوهات فوتوغرافية ومجلس استديوهات صوت ومساحات أعمال ومسرحاً وقاعات تدريب ولاونج مرسم وغرف ممثلين واستديوهات فيديو كافية ومعرضاً وغرف اجتماعات، وكل تلك المقدرات بإمكانها أن تحقق عوائد مالية كبيرة متى ما تم استثمارها بطريق تجارية احترافية، وذلك يتحقق عن طريق عقد عدد كبير من الشراكات مع القطاع الحكومي والخاص والقطاع الثالث غير الربحي، وكذلك من ضمن حلول الاستثمار إنشاء حاضنة الأعمال للمشاريع الناشئة في مجالات الفنون.
كفاءة الأداء في الفعاليات والبرامج
العالم الآن تحول لقرية صغيرة فاندمج معها مجتمعنا متذوقاً شتى الفنون والثقافات من كل صنف ونوع، وذلك يزيد التحدي على جمعية الثقافة والفنون فالمجتمع السعودي ذو ذائقة فنية رفيعة المستوى، ولذلك اعتمدت الجمعية ضمن خطتها الإستراتيجية رفع مستوى جودة الفعاليات والبرامج بما يتناسب مع تطلعات الجمهور، وذلك من خلال تمكين الفنانين والمبدعين من زيادة دخلهم واستثمار فنونهم وفتح مجالات التعاون مع الشباب الهواة وتمكينهم من تنظيم الفعاليات والأنشطة، وإطلاق جائزة الثقافة والفنون وتأسيس مجلس شباب الفنون، والسعي نحو إطلاق مؤشر الفنون في مختلف مدن المملكة وذلك يثبت جدية الجمعية نحو تحقيق أداء أفضل لمجتمع يستحق.
الفنون الشاملة
لم يخلق الله البشر بذائقة فنية واحدة وهواية موحدة ولولا تعدد الأغراض لبارت السلع، ولذلك حرصت جمعية الثقافة والفنون عند رسم خطتها الإستراتيجية على تحقيق العدالة الفنية وإرضاء ذائقة فنية لجمهور متنوع الهوى، فقد شملت الخطة الإستراتيجية الفنون: المسرح «الستانداب كوميدي» والخط العربي «الزخرفة» والفنون الشعبية والتشكيلية» فن الجرافيتي» والتصوير الضوئي»الأنيميشن» والموسيقى وذلك استجابة لزيادة اهتمام المجتمع بمجالات الفنون البصرية والأدائية.
زيادة الموارد البشرية
تعاني أغلب مؤسسات المجتمع المهني من نقص الكوادر الفنية، ولكي تنجح جمعية الثقافة والفنون بتحقيق أهدافها الإستراتيجية وضعت لها مجموعة من المستهدفات لتحقيق الكفاية من الموارد البشرية وذلك عبر برنامج «ممثل محلي» وهو من سيدير الممثلية في المدن التي لا تحوي على فرع للجمعية، وبرنامج «مبعوث» وهو من سيمثل المملكة دولياً لإبراز الفنانين وأعمالهم، وبرنامج «سفير» ليكون سفيراً للثقافة والفنون، وأخيراً برنامج «منظمو الفعاليات» وهم المتطوعون الذين سيتم استقطابهم في تنظيم الفعاليات والأنشطة.
التطوير المهني
كل عمل بشري مهما علا شأنه لابد أن يتقادم ويتخطاه الزمن، وذلك يشمل الأعمال الإدارية والفنية، ولذلك كان محور التطوير المهني والتدريب ركيزة لضمان نجاح خطة جمعية الثقافة والفنون الإستراتيجية واستثماراً ناجحاً في الكوادر البشرية بالتعاون مع بيوت الخبرة العالمية، فلا يمكن أن يتولى دفة الإبداع الفني ممن لم يتّزود بأفضل الممارسات المحلية والدولية في التخصصات المستهدفة، فكان من ضمن برامج التطوير المهني للجمعية: تطوير قيادات الفروع وبرنامج مدراء الفروع وتدريب الموظفين والعاملين بالجمعية.
خلق بيئة محفزة
نشر الإبداع الفني والثقافي في المجتمع يتطلب تهيئة بيئة داخلية في فروع الجمعية تضمن تصدير الإبداع من محضنه، ولذا وضعت جمعية الثقافة والفنون على عاتقها هدفاً استراتيجياً بخلق تلك البيئات المحُفّزة داخل فروع الجمعية للموظفين والعاملين وتحديث الأنظمة والربط الإلكتروني ووضع مؤشرات أداء لقياس الإنجاز وتحقيق الأهداف والتحول لمنظمات ذكية مرتبطة إلكترونياً بأعضائها.
أتمتة الخدمات
سعياً للاحترافية في تقديم الخدمات لجمهور ذكي يعتمد على الأجهزة الذكية في إدارة حياته، اعتمدت جمعية الثقافة والفنون في خطتها الإستراتيجية أتمتة خدماتها بدءاً من الدفع الإلكتروني والتواصل المباشر مع الجمهور ونظام حجز التذاكر والربط الفعّال بين الفروع والتحديث الإلكتروني المباشر لروزنامة الفعاليات. وذلك من شأنه أن يجعل من جمعية الثقافة والفنون وفروعها منظمة ذكية صديقة لجمهورها.
في حقيقة الأمر الثقافة والفن تمثلان ركيزتين أساسيتين في بناء وعي المجتمع وتحقيق رفاهيته وسعادته، حيث تطرح الأعمال الفنية العديد من الأعمال ذات الدور التربويّ والثقافيّ لجموع المواطنين، وتلك البرامج الثقافية والأنشطة الفنية ليست ترفاً مجتمعياً بل حاجة ملحة تتوازى مع خطط التنمية التي تبني البُنى التحتية المادية، ولا عجب أن استقبل المجتمع الخطة الإستراتيجية لجمعية الثقافة والفنون بالفرح والبهجة والتفاؤل بمستقبل فني مليء بالإبداع والتميز لوطن يستحق.