* سؤالي باختصار هو كيف أكون واثقة من نفسي خصوصاً في المناسبات الكبيرة ما أعرف أتكلم وأضحك بصوت عالٍ مثل البنات الواثقات من أنفسهن، ودي أصير زي كذا بس عجزت مع العلم أني حديثة التخرج من الجامعة تخصص شرعي، أحياناً أقول هذا من سمت العلم والوقار لكني أحس أن الناس يفسرونه على أنه ثقل دم أو وقار زائد عن حده من هذا القبيل يعني، ما هو الحل برأيك؟
الرد:
في البداية نحتاج إلى تحرير مفهوم الثقة بالنفس, فمن مفاهيمها: أنها إحساس الشخص بقيمة نفسه بين من حوله فتترجم هذه الثقة كل حركة من حركاته وسكناته ويتصرف الإنسان بشكل طبيعي دون قلق أو رهبة فتصرفاته هو من يحكمها وليس غيره.... إذن الثقة بالنفس نابعة من الذات ولا شأن لها بالأشخاص المحيطين به. وعرفها جوردون بايرون بأنها (الاعتقاد في النفس والركون إليها والإيمان بها)، كما عرفها آخر بأنها (إيمان الإنسان بأهدافه وقراراته وبقدراته وإمكاناته أي الإيمان بذاته). ولم أسمع أن أحدا عرفها بمجرد الكلام أو الضحك بصوت عال! وكيف يكون الضحك بصوت عال صفة حسن في الشخص! ودلالة ثقة بنفسه! وهي من علامات الحمقى والمغفلين!.
إذن يجب أولا أن تفهمي أختي الكريمة معنى الثقة بالنفس ومن ثم العمل على تشرب الأفكار المعينة على تقويتها.. وفي المقابل من قال لك إن من سمت العلماء وصفات طلبة العلم السكوت الدائم والانعزال التام عن الناس وعدم المشاركة في حوار ونقاش؟!
فلا تركني أختي لتلك الحيلة النفسية والتي تصنعين منها غطاءً منطقياً على بعض المهارات التي تحتاج للتعزيز لديك, وهي ما يعرف عند علماء النفس بحيلة (التسويغ أو التبرير) فأنت تعللين لصمتك أحيانا مع وجود الرغبة الكامنة في الحديث بأنه من السمت أو الحكمة! الصمت إنما يكون ممدوحاً عندما تتواجد الإرادة الكاملة والقدرة على الحديث بلا وجل ولا خوف ونؤثر معه الصمت لعلمنا أن الخوض في هذا الحديث لن نجني منه خيراً!
* كما ألفت نظرك أختي من استيطان مشاعر (الدونية) في عقلك وهو ما يمكن تلخيصه في الشعور ب(أنني لست كفؤاً بما فيه الكفاية) وتحمل في طياتها افتراضات متوهمة تقوم على أن الأشخاص الآخرين أفضل منا لمجرد أنهم في لحظة من اللحظات تفوقوا علينا، ويتفرع من هذا قناعات ما يسمى بـ (المحدودية الذاتية) وهي تؤدي إلى الشعور بأنك إنسانة ضعيفة القدرات! وتلك ولاشك فرضيات واضحة الهزال!
* في مسرحيته الشهيرة (العاصفة) قال شكسبير: (ما الماضي إلا مقدمة تمهيدية للمستقبل)، وأقول لك أختي الكريمة: اطوي صفحة الماضي وانظري للأمام وتناسي ما مضى وإياك وحديث الذات السلبي والذي سيعمل على ترسيخ مفاهيم (الدونية والمحدودية الذاتية) كما أسلفت، وبداية التصحيح ونقطة الانطلاق تبدأ عن طريق مغالبة تلك القناعات السلبية وتحديها!
واعلمي أن ثقتك بنفسك لا تهدى لك ولا توهب من أحد إنما أنت من يبنيها ويؤسس أركانها وذلك بالتقدير المرتفع للذات وملاحظة الإيجابيات وعدم طغيان الأفكار السلبية التي تصور لك أنك أقل إمكانيات من الآخرين أو أنهم يمتلكون ما لا تمتلكين! عودي لمقالة (فضيحة سائح سعودي).
ومن أساليب تعزيز الثقة بالنفس أن تطرحي على نفسك هذا السؤال: ما الذي أخشاه حقا؟
هل هو التعبير عن رأيي؟ أم المطالبة بحقوقي؟ أو القلق من حضور المناسبات؟
وراعي في الإجابات كتابتها مفصلة، وكوني واعية لكل ما يفيض على خاطرك ولا تستعجلي الإجابة، وبمجرد أن تدوني مجموعة من تلك المخاوف تبدأ المرحلة الثانية وهي استراتيجيات (الإطاحة بتلك المخاوف) وتكون عن طريق طرح سؤال ماذا يمكنني فعله حتى أتغلب على تلك المخاوف؟ ومن ثم مواجهة تلك المخاوف باقتحامها بلا وجل ولا خوف.
لعمرك ما المكروه إلا انتظاره
وأعظم مما حل ما يتوقع
وبالنسبة لتعاملك مع الآخرين فوجود تلك الفجوة غالبا ما يكون سببه عدم فهم الآخرين ماذا يجذبهم؟ وكيف نحفزهم؟ وكيف نحاورهم؟ وفنون الإنصات وغيرها من مهارات الذكاء الاجتماعي، وبإمكانك العودة إلى صفحة جدد حياتك ففيها الكثير من المهارات العملية في مجال العلاقات مع الآخرين.
وأنصحك بقراءة كتاب (كيف تكسب الأصدقاء)، وكتاب (كيف تتمتع بالثقة والقوة) وأخيراً أسأل المولى أن يبارك فيك ويوفقك.