حيثُ هو الآن في مرقده وشيء من سباته لم يلتفت للجانب الأيسر من عالمه.. أصواتٌ تعلو وهزّات على السرير لكن لم توقظه حتى الآن.. ففي جانبه طاولةٌ صغيرة ملتصقة بسريره للجانب الذي يعيش فيه.. عليها شمعةٌ تضاء من فينةٍ وأخرى وساعةٌ ليس بها جرس أو قد تعطلت!؟
فالوقت بالنسبةِ لهم لم يعد مهماً فجل يومِهم بين حديثٍ وصمتٍ لا يطاق.. وقد طاقت بهم أفكارهم حتى تلونت السماء بلونٍ غير لونها فأصبح البحرُ مختلفاً شكله وحديثٌ فيما لو كان لم يكن، والجانب الأيمن من السرير يعلو صوته لئلا يعلو صوت الجانب الأيسر منه فيُسمع نحيبه وصراخاته في وقتٍ إنشغل العالم بجانبه الأيمن حتى يمنح لنفسه وقتاً ليصنع السلاح لتشريدِ أطفالٍ لم يحن عليهم الوقت ليكونوا بين رصاصةٍ تخطفُ لهوهم وبين جوعٍ يأتي بهم في عجزٍ وألم.. عالمٌ هز السريرَ حتى بصراخٍ يعلو صراخاً وبكاءً لا يأتي بعدهُ بألم.. ومازال السريرُ يهزُ ليوقظ العالم من جانبه الأيمن لكن الصوتُ يكادُ يتقطع حتى يصل.. فلا يصل إلا وقد انقطع.. وزلزال حروبهم لا يكادُ يصل أو يصل ليتراقصوا على جثث الرجال وصراخ الأطفال ونحيب الأرامل والأمهات.. جانبٌ يئن وجانبٌ يغني في تصريحاته أن هناك سلاماً سيعمُ على الجانب الآخر من السرير.. لكن لم يحن الوقت لذلك.. حتى يظلُ الجانب الآخر من السرير بلا موعدٍ لشمسٍ تُشرقُ بتغاريد الطير ونسائم الهواء الجميلة وأصوات الأطفال حينما تعلو لعباً.. وحتى ذاك الحنين يعلو صوت المدافع ليغيب كل شيء جميل وتموت الزهور وبائعها..!؟