ينظر الناس لشهر رمضان نظرات مختلفة كل بحسب فهمه لمقاصد الشهر، وبحسب ثقافته، فمنهم من ينظر إليه أنه إمساك عن الطعام والشراب، ومنهم من يراه إمساكاً عن الطعام والشراب وتسلية بلقاء الأحباب، والسهر، ومشاهدة التلفاز، ومنهم من يراه شهر عبادة وترك الأعمال والدراسة.
إن النظرة لشهر رمضان أعمق وأكبر مما سبق، وأهم نظرة له أن ننظر إليه أنه شهر تصحيح لحياتنا الدينية والدنيوية. ومجالات التصحيح كثيرة أهمها: تصحيح علاقة الإنسان بنفسه، حيث يحاول اكتشاف ذاته، فيرى فيها جوانب القوة فيقويها، ويرى جوانب الضعف فيعالجها، ويتأمل كذلك في سبب وجوده وغيرها.
وهو شهر تصحيح لتعامل الإنسان مع غيره، ففيه يصل رحمه، ويصل من قطعه أو قاطعه، ويزور جيرانه وغيرهم. والأهم أن يمتنع عن أكل لحوم الناس بالغيبة، ويساعدهم بجهده وماله.
وأيضاً هو شهر تصحيح في تعاملنا مع أجسامنا، حيث نعطيها راحة بالامتناع عن الطعام، والشراب، والنكاح؛ لتصح وتتخلص من السموم. فقد اكتشف الطب الحديث أن الصيام شفاء لبعض الأمراض. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا تصحوا».
وإن أهم تصحيح ينبغي أن يكون فيه، تصحيح علاقة الإنسان بربه - عزَّ وجلَّ - فما أن يهل هلال الصيام حتى يسارع معظم المسلمين بتجديد التوبة، وتجديد البيعة لسلطان السموات والأرض، وترك الذنوب، والاستزادة من العبادات خصوصاً الصلاة، والصدقة، وقراءة القرآن الكريم.
إن شهر رمضان محطة تصحيح كبرى يجب علينا أن ندخلها مشمرين عن ساعد الجد؛ لنحقق الجودة والإتقان في عبادتنا.
لقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».