الرحمة عند البشر حالة وجدانية تعرض غالباً لمن به رقة القلب، وتكن مبدأ للإنعطاف النفساني الذي هو مبدأ الإحسان. ويمكن تبسيط مفهومها عند البشر بأنها إرادةُ إيصالِ الخير.
وقد بين الله تعالى أن إرسال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان بهدف رحمة البشرية فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } والعالمون لفظ عام يشمل المسلم وغير المسلم فهو صلى الله عليه وسلم بعث رحمة لكل أحد، لكن المؤمنين قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى، وأما غير المسلمين فردوها ولم يقبلوا الانتفاع بها فلم يخرج بذلك عن كونه رحمة لهم وإنما هم لم يقبلوها، كما يقال هذا دواء لهذا المرض، فإذا لم يستعمله المريض لم يخرج عن كونه دواء لذلك المرض.
وقد اتصف صلى الله عليه وسلم بخلق الرحمة نحو الجميع الصغير والكبير والرجل والمرأة، أتباعه المؤمنين وكذلك المخالفين له بل وأعدائه الذين حاربوه. فحري بالمسلم أن يقتدي بنبيه عليه الصلاة والسلام ويتصف بهذا الخلق الكريم حيال أقرب الناس إليه من ذويه وأرحامه وجيرانه ومن يتعامل معهم وخدمه، كما يتحلى به نحو الأبعدين حتى أولئك الذين يخالفونه في الدين ليكون ذلك أدعى لتأليف قلوبهم ودعوتهم للإسلام. فقد كان صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق فهو الرحمة المهداة.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com