متابعة - علي العبد الله:
خرجت حلقة اليوم الثامن لبرنامج «سيلفي» بعنوان (صعصع) وهي فكرة للكاتب الراحل عبدالرحمن الوابلي، وسيناريو وحوار خلف الحربي، خرجت هذه الحلقة بإيقاع إخراجي سريع ومتناغم إلى حد كبير، مع تطور أحداثها التي كانت مؤلمة، مضحكة، ومبكية في ذات الوقت وهذا ما جعلها أكثر إثارة وتفاعلاً من قبل المتلقي.
وتضمنت الحلقة رسائل مباشرة واضحة وقوية جداً في محتواها، حيث لاحظنا مجموعة من الفضوليين في الحارة الذين يحاولون باستمرار إيجاد أعذار واهية لتغيير اسم الشارع في (حارتهم) وهم في فعلتهم (الحمقاء) هذه أثبتوا أنهم (يقتاتون) على قشور لا أصل ولا فصل لها إلا في عقولهم (التافهة).
الجميل في الأمر أن التدرج في الصراع الدرامي للحلقة كان منضبطاً بدقة متناهية ما أكسب الأحداث المتسارعة هنا وهناك مزيداً من (الولع) والتشويق للمُشاهد. حيث نلاحظ الزوجة (الأنانية) التي تسعى إلى مصلحة نفسها والتركيز على أمور ثانوية في الحياة وفي المقابل زوجها (يغرق) في ديون مستمرة تتراكم يوماً بعد يوم، وهي غير مكترثة بهذا كله، والمؤلم في الأمر أن هذه الديون تخص أبناءها وزوجها وحياتهم الأسرية.
بعد ذلك تبدأ العقدة الدرامية تتسع وتتزايد في خطوط درامية متوازية، حتى بدأنا نشعر بتعاطف كبير مع الزوج الغارق في الديون الذي جسد شخصيته الفنان ناصر القصبي، وفي ذات الوقت لم ينفك عنه الجيران الفضوليون الذين في كل مرة يطالبون بتغيير اسم الشارع، حتى بدأت الأفعال الدرامية تأخذ منحنى آخر من قبل القصبي تجاه هؤلاء، هذا المنحى بدأ مع العالم العربي «ابن سينا»، الذي حاول ان يُدافع عنه، لكن دون جدوى، فما كان منه إلا أن رضخ لمطالبهم، وبعد ذلك جاء اسم الشاعر والأديب الراحل غازي القصيبي الذي اتهمه هؤلاء بأنه (تغريبي)، وهذه رسالة واضحة لمن كان يُحارب القصيبي وأتباعهم الذين استمروا في محاربته بعد رحيله.
هذه الأفعال غير المسؤولة من هؤلاء الفضوليين عكست قصورهم الذهني، وعجزهم عن الفهم، وبالتالي أثارت غضب جارهم القصبي الذي يقطن معهم في نفس الحي، الأمر الذي جعله يوضح لهم وبشكل مباشر من هو القصيبي، وفي المقابل يُبين لهم أنهم لم يقدموا شيئاً يُذكر، لينتقدوا رمزا من رموز الأدب والثقافة؛ ليس في المملكة فحسب بل بالوطن العربي.
حتى جاء موعدهم مع الفنان الراحل طلال مداح حيث قالوا عنه انه مطرب، ولا يستحق أن يُسمى الشارع باسمه، ما جعل القصبي يثور مجددا، ولكن بشكل أكبر من السابق لأنه باختصار (طفح) الكيل لديه وبدأ يستشهد بإنجازات طلال وبروعة صوته وفنه، ونحن بدرونا نُشاطره الرأي في ما ذهب إليه مع الأسماء التي تم تغييرها في هذا الشارع.
حتى جاء المشهد الأخير الختامي لحلقة (صعصع) الذي اتضح من خلاله وفاء فريق العمل لرفيق دربهم الكاتب الراحل عبدالرحمن الوابلي وهذا الوفاء يُسجل لفريق العمل وعلى رأسهم الثلاثي الرائع ناصر القصبي، الكاتب خلف الحربي، المخرج أوس الشرقي حيث أحضر القصبي من الداخل لوحة باسم الوابلي ليضعها عنواناً لهذا الشارع (المُختلف) عليه من قبل بعض الفضوليين في الحارة، الذين لا شُغل لهم إلا هذه الأفعال الحمقاء التي تُثبت أنهم يعيشون في فراغ عقلي وسطحية لا حل لها إلا أن تُلزمهم بالأمر الواقع، وهذا ما فعله القصبي عندما ذكر أن الحل لديه ولن يتغير اسم الشارع، بعد أن وضع اللوحة وكانت النهاية الختامية للحلقة التي تم إهداؤها كما جاء في الختام إلى (روح) الكاتب عبدالرحمن الوابلي.
شكراً لفريق (سيلفي) الذي أبهرنا في حلقات سابقة ومازال يستمر في إبهارنا، ويبدو أن في جعبته الكثير من المفاجآت القادمة المُبهرة.