هدى بنت فهد المعجل
الشيخوخة والخوف من الشيخوخة سبب قوي في العبث الذي نجد من البشر، عبث بأجسادهم وأشكالهم وهيئاتهم. لا يسمونه عبثًا بل عمليات تجميلية، حتى أن الجميلة لم تكتفِ بجمالها؛ فذهبت تطلب جمالاً غيره، فهل تحقق لها الجمال المنشود؟ هل استطاعت الوصول بنفسها للشكل الذي تريده لها؟! في البدء كان الهدف من العمليات التجميلية تجميل آثار الحوادث أو تحسين بعض العيوب الخِلقية، ثم تطورت لمحاولات يراد منها مكافحة الشيخوخة من تجاعيد ونحوها، أو تأخير ظهورها. بالنسبة للشابات اختلف الوضع والهدف من عمليات التجميل، لكن لا شأن لي بهن؛ إذ إن الدكتور ديباك شوبرا أراد من كتابه «جسد لا يشيخ وعقل لا يحده زمن» شريحة كبار السن عندما ألَّف كتابه قاصدًا رسم طريق الإنسان نحو مقاومة الشيخوخة وتحديها، ليس تجميلاً جسديًّا إنما تهيئة نفسية وروحية وجسدية. كتاب حاولت اقتطاع ما استوقفني من فقراته؛ فهو ثري، ينتفع منه مَن هدفه راحة باله وسكون روحه وسلامه الداخلي في شبابه أو وهو في الطريق لسن الشيخوخة. ذكر شوبرا أن التكييف السلبي الذي تعلمناه في المجتمع بجانب الاعتقاد أننا يجب أن نشيخ يؤثر علينا، ويعجّل ببروز بوادر الشيخوخة. يقول الحكيم الهندي العظيم shankara: «إن الاعتقاد بأننا نشيخ ثم نموت نابع من أننا نرى الآخرين يشيخون ثم يموتون». «تكيف سلبي». وأشار د. ديباك في الكتاب إلى أن بعضًا من المجتمعات القديمة حول العالم لا تنتابهم أمراض القلب ولا السرطان كما في المجتمعات الحديثة. إذًا الشيخوخة: مجموعة أعراض تولدت من تعود وتكيف خاطئ لتأثيرات سلبية أمليت علينا من المجتمع.
وفي مناطق مثل فنزويلا، جزر سليمان، تسيمانيا، الصحراء الإفريقية لا يتعرض سكانها لمرض ارتفاع ضغط الدم بعكس الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. مرض مثل الصمم مؤشر من مؤشرات الشيخوخة في المجتمعات الحديثة بينما القبائل التي تعيش في الغابات الإفريقية في جنوب السودان يبقى سمعهم على حدته رغم تقدم السن. أما سرطان الثدي الذي يصيب واحدة من كل تسع من نساء أمريكا نادرًا ما يصيب نساء الصين واليابان. المغزى أنه يمكن للصحة العقلية أن تؤخر الشيخوخة، متى ما استطاع الإنسان أن يقوي حقل الطاقة لديه أو يضعفه ويلغيه من خلال الشك والإحساس بعدم القدرة؛ فشكنا في عدم القدرة على شيء يرسل إرادة لحقل الطاقة فيصبح ملغاة. أضف لذلك أن خلايا الأجساد مشغولة دائمًا في عملية الإصلاح والتجديد؛ إذ يذهب 90 % من طاقتها في بناء البروتينات وصناعة الـDNA وRNA. إدراك خطر ما يوقف تلك الخلايا عن العمل لتوفير مزيد من الطاقة لشحن الجهاز العضلي للجسم يترتب عليه توقف التمثيل الغذائي العادي الذي يصلح ويبني الخلايا؛ فيتحول لعملية تمثيل عكسية، تتحطم فيها الخلايا دفاعًا عن الجسم؛ فيرتفع ضغط الدم، وتتشنج العضلات، ويضيق التنفس، ويفقد الإنسان شهيته، وتتعطل عملية الهضم، ويعتري الدماغ ارتباك وخوف. وبالتالي على العقل أن يعمل ضد الفناء، ويستوعب أن المنظومة البيولوجية لجسم الإنسان مصممة للعيش في الحاضر. وبالتالي علينا كبشر الاهتمام بنقاط من أجلنا، تعتني بأجسادنا وروحنا، منها: استيعاب أن الخصام مع الشخص لا يعني التمسك بالرأي بصورة مطلقة تجعل الشخص خصمًا لنا. أشياء تهدد راحتنا النفسية نهجرها نحو أشياء تحقق لنا الراحة النفسية. في أذهاننا الماضي ليس كما كان، إنما كما تستجلبه أذهاننا؛ فلنحرص على استجلاب كل خير يهطل بخيره على روحنا ونفسنا وجسدنا.