محمد المنصور الشقحاء
عندما اجتمع الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - بمجموعة من الأدباء والمؤرخين بمكتبه في الرياض لمناقشة فكرة إحياء سوق عكاظ التاريخي انبثقت فكرة النادي الأدبي، فوافق سموه على تأسيس الأندية الأدبية من خلال خطاب موقَّع من سموه موجَّه لمن يمثل من سعى لتأسيس ناد أدبي في مدينتهم كما حصل معنا في مدينة الطائف عام 1395 هجرية.
ثم صدر قرار سموه رقم 46 وتاريخ 7 - 5 - 1395 على لائحة الأندية الثقافية والأدبية المسماة (نظام الأندية الثقافية والأدبية)، وهذا يجهله كتّاب الصحف وغالبية الأدباء والكتّاب. وبموجب هذا النظام في عام 1400 هجرية جرى أول انتخابات لمجلس إدارة عدد من الأندية الأدبية تحت إشراف لجنة مشكَّلة من أعضاء النادي، وبمراقبة مندوب من إدارة الأندية الأدبية، التي تعطلت بعد ذلك بسبب ملاحظات مدير إدارة الأندية الأدبية الجديد الذي كرس الوصاية على النادي الأدبي، وأفقده (الشخصية الاعتبارية) التي يتمتع بها، حتى انتقال الأندية الأدبية إلى وزارة الإعلام، التي أصبح مسماها وزارة الثقافة والإعلام.
واستبشر المنتفعون وأنصاف الأدباء بالخير وهم على بينة بسراديب هذه الوزارة وكادرها من الموظفين المخلصين لفن الإدارة على حساب الإبداع. وكانت الصدمة اعتماد وكيل للثقافة بدلاً من نائب للوزير للشؤون الثقافية كما جاء في الأمر الملكي.
فكانت معاقبة الأندية الأدبية من خلال الوكيل للشؤون الثقافية إقالة المجالس التي لم تتمكن من العمل بنظام الأندية بسبب خوف وجهل مدير إدارة الأندية الأدبية بعمل مؤسسات المجتمع المدني، وعيّن عشرة أعضاء (متوسمًا حديث العشرة المبشرين بالجنة). ولأنه لا يثق في عملهم حضر اجتماع العشرة في كل ناد، وساهم في اختيار الرئيس والنائب وأمين السر وأمين الصندوق؛ وتعالى الصوت في الصحف عن قانونية الإجراء.
وغادر وزير الثقافة والإعلام كرسي الوزارة ومعه غادر الوكيل للشؤون الثقافية، ولم يعتمد النظام الجديد الذي شُكِّلت لجانه وتنقلت مناقشة بنوده من مدينة لأخرى، هدفها الكسب المادي أولاً، وملاحظة هل بعض المواد تتوافق مع البيئة الجغرافية لكل مدينة في تجاوز صريح للهدف.
وجاء وزير إعلام وثقافة جديد، وأيضًا وكيل جديد للثقافة، واعتمد الوزير الجديد نظام النادي الأدبي، أي تم إلغاء صفة الثقافة الواردة في النظام السابق. وبما أن مجالس الإدارة مشكّلة من إعلاميين ومعلمي صبيان وأعضاء هيئة تدريس بالجامعات تم إضافة الثقافة إلى اللوحة المعلقة على بوابة مقر النادي. مثال ذلك (نادي الطائف الأدبي) أصبح (نادي الطائف الأدبي الثقافي). وصمد مع رياح التغيير المظهري (النادي الأدبي بالرياض).
واليوم طلب وزير الإعلام والثقافة الجديد من الأندية الأدبية عقد الجمعية العمومية لانتخاب أعضاء مجلس إدارة جديد لكل ناد، وقد اعتمد (نظامًا جديدًا للنادي الأدبي)، ومدَّد ستة أشهر لمجالس الإدارة، ومدَّد ستة أشهر أخرى حتى يعد كل مجلس كشوف الأعضاء العاملين ممن يحق لهم حضور انعقاد اجتماع الجمعية العمومية وانتخاب أعضاء المجلس الجديد.
إلى هنا تسير الأمور كما تملي بذلك مواد نظام النادي الأدبي، وتحقق معه الهدف الذي على ضوئه تم تأسيس النادي الأدبي، وهو خدمة الأدب والأدباء. هنا تطاول أنصاف المتعلمين وأدعياء الثقافة وجهال الصحافة، وكل ناد يقوم بتسجيل من يتقدم للعضوية كما جاء في النظام.
وضج إعلامنا المقروء بهذا الجهل متطاولين على خصوصية النادي الأدبي سعيًا لتفكيكها تحت مظلة الغباء بخصوصية كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، وعدم اقتناع بأسماء أدبية نحتت الصخر حتى تكتب اسمها. فلما أعيتهم الحيلة وقد هرب الأدباء من بيتهم (هناك بيت التشكيليين المهدد بالغلق) فهناك فزعة قبلية وهناك مساعدة عائلية وخلافه من التهريج.
أدعياء الثقافة - وهم أكثر من الهم على القلب - منعمون بخيرات الساحة العامة من خلال ولي النعمة الداعم.. قد يكون فردًا، وقد يكون مؤسسة خاصة، وقد يكون جامعة حكومية كما نراه في الجمعيات العلمية؛ إذ أخذت كل جامعة نصيبها، وطمع بعض منسوبيها في مكان داخل النادي الأدبي.
هذا الضجيج الإعلامي حول النادي الأدبي وعضويته قد نقول إنه صحي إذا تجاوز القصدية والمصادرة من خلال إلمام المتحدث أو الكاتب بمواد نظام النادي الأدبي الذي اعتمده وزير الثقافة والإعلام، وصدر أمره بتطبيقه من تاريخ صدوره.. فهل بدَّل كل نادي اسمه في اللوحة المعلقة على باب مبناه وشطب (الثقافي)؟
وهذا الضجيج أين منه أعضاء مجلس إدارة كل ناد وقد شارك البعض فيه؟ هل نؤمنهم في القادم من الأيام على تحقيق الهدف الأدبي القائم على أدب وأدباء الوطن؟ الأمل والحلم يرفرفان، إنما الواقع يرسم أكثر من علامة استفهام.