منَّ الله تعالى على هذه الأمة المرحومة بمبعث نبيّه الخاتم أشرف الأنبياء والمرسلين، وأرشدنا إلى التأسي به صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في أقواله وأفعاله وأحواله فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وهذا التأسي يقتضي النظر في سيرته العطرة وهديه المبارك وتعامله الشريف مع الخلق أجمعين، ويؤدي بالضرورة إلى معرفة القيم الأخلاقية النبيلة التي حفلت بها السيرة النبوية العطرة.
فمعرفة أخلاقه عليه الصلاة والسلام التي أكرمه الله تعالى بها واختار سبحانه أن يمتدحه بها في كتابه الكريم دون سائر ما منَّ به عليه من صفات كريمة في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} هو الطريق الموصل إلى تلك القيم الأخلاقية التي حفلت بها السيرة النبوية. ومن رحمة الله تعالى أن يسر سبل التعرّف إلى سيرته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأحواله من خلال حديث القرآن الكريم عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعناية الصحابة الكرام ولاسيما الذين منّ الله عليهم بزيادة القرب منه صلى الله عليه وسلم وملازمته أكثر أوقاته كأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين.
إلا أن عزوف كثير من الناس عن تعلّم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزهدهم في تلّمس مواطن القدوة من شخصيته عليه الصلاة والسلام مع شدة حاجتهم لها كان محفزاً على السعي من خلال هذه السلسلة من المقالات المختصرة إلى تسليط الضوء على مجموعة مختارة من جواهر الأخلاق النبوية، والله المسؤول أن يوفّقنا جميعاً للاقتداء بأخلاقه صلى الله عليه وسلم وأن ينفعنا بالسيرة النبوية العطرة في الدنيا والآخرة.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود