لقد استشرى في المجتمع بعض من العادات السيئة والتصرفات غير المقبولة وهي ما يطلق عليها «هياط» وجاء معنى الهياط في معجم المعاني الجامع كالتالي: (هايط فلاناً: أي استضعفه، ويقال: هم في هياط ومياط: أي في اضطراب وشر - وقيل في دنو وتباعد, وهايط الرجل: أي ضج ، فهناك المبالغة في الكرم حتى يصل إلى التبذير! والتعصّب، وبذاءة اللسان..) كل تلك التعريفات غير مستساغة.. فالملاحظ في إقامة المناسبات المختلفة تتضح سمات الإسراف في التكاليف في إقامتها وفي إعداد الولائم وبأنواع الأطعمة، ويطلق عليها «هياط» ومن المشاهد المزعجة ما قد تم نقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي قوبلت بالسخط والاستهجان قيام أحدهم بصب دهن العود على أيدي الضيوف بدلاً من الصابون والآخر يستخدم المكنسة ليسحب النقود من على الأرض وكأنها من النفايات ومشهد آخر أيضاً يقطع أكياس ليتساقط منها الهيل على الأرض تعبيراً بالاحتفاء بالضيوف.
والتعصّب أيضاً من الصفات المنتنة المنبوذة في المجتمع وتتعجب من أحدهم وقد منّ الله عليه بنِعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى من صحة ومال وذرية.. ولكنه يتمادى بالتعصب والمفاخرة فيكبر ويطعن في السن وهو ما زال على هذه الصِفة وأبناؤه يقلدونه بآثام يتوارثونها.. فسبحان الله كأن كل هَمّهُ في هذه الحياة الدنيا إشباع نفسه لهواها من خلال التعالي والتفاخر الذي لا يحبه الله، فالتعصّب وبذاءة اللّسان يتوافقان في المرء في احتقار هذا أو ذاك وأنه الأفضل وأن الآخرين لا يرتقون إلى مستواه، فتجده يمجّد نفسه كثيراً ولا يعلم هذا المسكين أنه يعيش في عالم أقرب إلى الخيال!!.. ولا يدع لعقله التفكّر.. كأن به غشاوة، ولو سأل نفسه عن حقيقتها ماذا عمل؟.. وماذا قدّم لكي يتذكره الناس بالخير؟.. وعلى أي مستوى يقيس الناس؟.. فلا يجد إجابة عن تساؤلاته إلاّ أن يغطي الحقيقة بالمديح بنفسه ويتذكر ما قد سمعه عن بعض من المواقف عن أجداده، (ليس الفتى من يقول كان أبي ولكن الفتى من يقول ها أنا ذا !؟).. فالأسباب التي تدعوا النفس إلى الكبر والتعصب مردها جميعاً إلى البعد عن الله وإنها تضعف الإيمان في النفوس، فهذه العادات والتصرفات ترفضها الفطرة السليمة ويرفضها المجتمع.. فالمبالغة في التصرفات «الهياط» والتكبّر وبذاءة اللسان تسلب الفضائل وتكسب الرذائل، وتولد البغضاء والشحناء بين الناس «فالمولى جلّ شأنه فقط هو له الكبرياء والعظمة»، (وفي حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار) رواه مسلم.
قال الشاعر:
إنّا لنفرح بالأَيام نقطعها
وكل يوم يمضي يدني من الأجلِ
فأعمل لنفسك قبل الموت مجْتهداً
فإنما الربح والخسران في العملِ
b.abdulkareem@hotmail.com