كفلت الشريعة الإسلامية منذ الأزل الذمم المالية، وجعلت حق المرأة -كاملة الأهلية المعتبرة شرعاً ونظاماً- في استقلالية ذمتها المالية تماما كما هو الحال للرجل، ولو نظرنا من حولنا لوجدنا أن سيدات الأعمال أصبحن عناصر فعالة ومثمرة جدا في المجتمع؛ سعيا في تعزيز وتقوية رباط المساواة وتوزيع الواجبات والمسئوليات بين أفراده دون استثناء وفق خطط علمية وعملية عادلة.
لا شك أن أعداد سيدات الأعمال الناشطات في المجتمع على المستوى المحلي لمملكتنا الحبيبة يفوق بمستوياتٍ ارتكاز رجال الأعمال في نظر العامة، وذلك عائد إلى فضل الله عز وجل ثم حفاوة ومساندة ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين أيده الله ورعاه؛ لتحقيق تنمية الاقتصاد الوطني، وتحفيز المواطنين والمواطنات أصحاب المواهب المتنوعة والمنتجة على التجارة وتعدد مصادر الدخل، بالإضافة إلى التقليل من جانب العطالة.
في ظل ذلك الأمر، تواجه سيدات الأعمال كمَّا من المعوقات التي تشكل معضلة تحول دون تمكينهن من ممارسة أنشطتهن التجارية والاستثمارية والموازنة بين أعمالهن الأخرى، ونعزو ذلك إلى عدة عوامل نسردها على سبيل المثال لا الحصر بالآتي:
(1) جهل سيدات الأعمال بالأنظمة والقرارات المعمول بها في المملكة مما يتعلق بجميع جوانب الأنشطة المعدة للتجارة وما استحدث منها، بالإضافة إلى عدم معرفة المداخل والمخارج اللازمة قبل بذل الجهد في السعي نحو إتمام الاجراءات بين لحظة وومضة.
(2) التنظير الحاصل في التعامل مع سيدات الأعمال لدى بعض القطاعات التي تستصعب مسألة التعرف على هوياتهن،أو تعجيزهن بطلب معرفين، أو الاضطرار إلى تسجيل أنشطتهن بأسماء رجال مما يترتب عليها إشكالات أخرى صاعدة، دون السعي في اعمال الحلول البديلة كتخصيص موظفات من العنصر النسائي لمطابقة هويات سيدات الأعمال وبالتالي الحفاظ على أمد التعامل واختصار الكثير من الوقت والجهد للطرفين، وحيث إننا لنجد القفزات الهائلة في استجابة غالبية الجهات المعنية إلى التوجهات الحديثة في التعامل مع المرأة كسيدة أعمال، فكان من الأحرى على مثيلاتها من الجهات الأخرى أن تحذو حذو من هي أقوى كيانا منها في الدولة.
(3) حصر بعض الأنشطة التجارية للرجال وحرمان أو تقييد المرأة في استخدامها، بوضع هذه الأنشطة تحت حدود وضوابط مرهقة لسيدات الأعمال ذوات الأنشطة المتميزة والمبتكرة.
(4) عدم وجود قوة اتحادية تجمع بين سيدات الأعمال وأفراد المجتمع، حيث لا زالت العنصرية مترسخة في الأذهان ومنها عدم تقبل فكرة انتشار الكيان الأنثوي بادئ ذي بدء.
(5) القصور في جانب التوعية القانونية لسيدات الأعمال مما يجعلهن في منحى التخوف أو الإحباط والتراجع إلى حد ما أو التقدم على مضض.
(6) ضعف الوعي المجتمعي حول ماهية أعمال المحاماة ودور المحامي والمستشار القانوني في الاحترازات الوقائية الكافية لكل شخص وحمايته قبل تعرضه للمناوشات والعراقيل القانونية، بالإضافة إلى دوره في التصدي لتلك المعضلات وعلاجها مما يجعل هذا الشخص تحت ظل الحصانة الدائمة والملازمة له.
(7) انصباب المستغلين لسيدات الأعمال وادعاؤهم القدرة على النهوض بنشاط سيدات الأعمال حتى يصل الأمر إلى أن يصبح الجميع يدلي بدوله، وبالتالي تتخالط الشخصيات ذوات الخبرة مع المتطفلين على الخبرة.
(8) التسرع في تنفيذ المشاريع دون دراسة الجدوى واستشارة ذوي الاختصاص ممن لهم دور بطريق أو بآخر في التأثير على ذلك النشاط.
الجدير بالذكر أن أساليب الحماية متعددة، وما يهمنا هنا هي الدعائم القانونية التي تحتاج إليها سيدات الأعمال في إنجاز مستلزماتهن التجارية وإتمام مشاريعهن على الوجه اللائق، بدءا بالاشتراطات والضوابط النظامية، وعقود التأسيس، ودراسة الوضع النظامي الشامل للمشروع واتباع الإجراءات اللازمة حيالها خطوة بخطوة، وتحضير الاحتياطات للعقبات المتوقعة أو الحتمية وما إلى ذلك وصولا إلى حد الحصانة من جميع الأوجه النظامية، ويد الله مع الجماعة.
ختاما، إن دور المحامي والخبير القانوني ضروري جدا ومهم لدى الفرد والجماعة، فالاستعانة بمثل هؤلاء سيقوي لدينا قانون الوفرة الذي يعني في هذا الصدد: الاستعانة بذوي الكفاءات والخبرة من المختصين قبل الانغماس في أي مشروع من أجل تحقيق سرعة الإنجاز بخسائر أقل، وهذا الأمر يتحقق حتميا لدى من باستطاعته أن يكوّن الحصن المتين للشخص في سير مجريات أموره الخاصة والعامة، فالداعم القانوني وإن كان لا يزال حديث عهد إلا أنه فعّال وناشط.
- المستشارة القانونية