المدينة المنورة - علي العبدالله:
لم تكن حلقة البرنامج الخليجي الأول بلا منازع (سيلفي) حلقة عادية، بل كانت غير عادية ومتميزة تناولت فيها الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة مشكلة الصراع المذهبي (الأزلي) بين المذهبين السني والشيعي ولكن بطريقة مُختلفة، بطريقة مُدهشة بتفاصيلها وأحداثها، وبفكرتها الأساسية التي ارتكزت على بناءً درامي متماسك موزون تطور معه الصراع التراجيدي بأفعال درامية مُتقنة بدون مبالغة أو تفريط، ما جعل المتلقي يتفاعل كثيراً وبحماس مع الأحداث لأنها خاطبت عقله ووجدانه معاً.
بدأت حلقة (على مذهبك) بمشهد افتتاحي فيه من التشويق الكثير حيث بانت ملامح الإبداع فيه وبالتالي (تنبأ) المتلقي بكم الإثارة الموجودة في الحلقة منذ أن أطل علينا الفنان ناصر القصبي بكراكتر مُختلف قدمه بإتقان يؤكد فيه من جديد أنه نجم الساحة الخليجية بلا منازع، هذا الظهور للقصبي زاد المتلقي إثارة وشوقاً لمعرفة تفاصيل أكثر عن هذه الحلقة وأبعادها حتى تم اكتشاف الخطأ البشري من قبل المستشفى الذي نتج عنه تبديل طفلين بالخطأ هذا الخطأ يعود إلى عام 1990م. هذان الطفلان يزيد وعبد الزهراء عاشا حياة مختلفة ثم طلب منهما أن يكونا بين عشية وضحاها في بيئة (عقائدية) مختلفة في كل شيء الأمر الذي جعلهما في (ورطة) كبيرة يصعب الخلاص منها.
احتوت الحلقة على الكثير من المشاهد التراجيدية الإنسانية المؤثرة بل والمؤثرة جداً لعلها أبرزها المشهد الذي تفاجأ فيه والد عبد الزهراء أن ابنه ليس ابنه الحقيقي حيث أبدع الممثل ناصر القصبي في تجسيده لصدمة الأب الذي يُفاجأ بطُلب إدارة المستشفى تسليم ابنه ليستلم ابن آخر، عاش ونشأ وترعرع لدى أسرة تعتنق المذهب (السني) ثُم عَاد به للبيت لتفاجأ الأم، التي «سدت» دورها الممثلة سناء يونس وأجادت كثيراً فيه كما أجادت في إتقانها للهجة.
توظيف الأسماء في الحلقة كان موفقاً ورائعاً حيث تم استخدام اسم (يزيد) واسم (عبد الزهراء) ما أسهم في (تأجيج) حدة الصدمة على الأسرتين، كما تم توظيف الحوار بشكل جيد احتوى عمقا كبيرا وبعدا (فلسفيا) تضمن قليلاً من التهكم على بعض الادعاءات والمبالغات لكلا الطائفتين.
ولعل المشهد الذي يتحدث فيه عبد الزهراء مع والده عبدالإله السناني عندما قال فيه: «لم أختر أن أكون سنياً أو شيعياً» يدل على توظيف الحوار بطريقة ناجحة ليطرح تساؤلاً عريضاً من منا اختار دينه أو طائفته وتفاصيل طقوسه الدينية وإن كانت غير مقنعة أحياناً.
كما لعبت حركة الكاميرا وتنوع اللقطات التصويرية من قبل المخرج دوراً حيوياً في (إنعاش) المشهد التراجيدي في أحداث الحلقة وخصوصاً تلك التي تناولت مشهد (الحسينية) حيث ظهرت بشكل جيد.
المشهد الختامي للأحداث كان مُعبراً جداً عن الواقعية التي يعيشها شباب أو جيل اليوم حيث تم تجاوز مشكلة الطائفية والمذهبية (المقيتة) ولاحظنا ذلك في المشهد الأخير الذي جمع يزيد بعبدالزهراء اللذان أكدا أنها يشعران بمحبة كبيرة لبعضهما الآخر بعيداً عن التفاصيل الطائفية المزعجة والمؤذية لهما، وكأن المخرج أراد أن يُمرر رسالة واضحة ومباشرة للجميع بأن جيل اليوم تجاوز بشكل كبير هذا العائق الذي أصابنا في لحظات كثيرة سابقة بالإحباط والألم لأنه يُثبت التخلف الاجتماعي الذي يعيشه البعض.
في المجمل تفوقت كثيراً هذه الحلقة على سابقتها التي ظهرت بمستوى أقل وبجملة من الأخطاء الفنية.
** **
وبعد الحلقة كتب الفنان ناصر القصبي على حسابه في تويتر، تعقيباً على حلقة (على مذهبك) : الاتصالات تحاصرني من كل الاتجاهات ومن كل مكان، والأجمل أن الإشادة والإطراء من الطرفين سنة وشيعة، وقبلها بدقائق كتب القصبي تغريدة تمهيدية للحلقة قال فيها «شدوا الأحزمة».
** **
بدوره قال المخرج أوس الشرقي في تغريدة له في حسابه بتويتر: أملنا في الجيل القادم، المشهد الأخير في حلقة اليوم يقول للجيل الجديد تخلصوا من الكراهية وآمنوا بالتعدد فهو سبيلكم لمستقبل آمن.