ودع منسوبو السفارة السعودية في جاكرتا سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إندونيسيا الأستاذ مصطفى بن إبراهيم المبارك وذلك لانتهاء فترة عمله. فكان وداعا مؤثراً لما يتميز به من صفات فرضت احترامه وتقديره على كل من يلتقي به. فهو ذو ثقافة واسعة وإلمام واسع باللغة العربية، ولا عجب لأنه من عائلة مشهورة بالعلم والأدب وشعرائها المبدعين، وهو ذو طلاقة متناهية بالتحدث باللغة الإنجليزية، وبعد نظر ثاقب، وتحليل منطقي للأحداث، ولا غرو لأنه عمل خلال حياته الوظيفية بعدة سفارات مهمة وتتلمذ على يد عمه السفيرالأديب أحمد المبارك - رحمه الله - وعدد من قامة السفراء كغازي القصيبي - رحمه الله - ونال درجة الماجستير مع الشرف من أهم الجامعات الكندية، كما أنه تميز بالأخلاق العالية والتواضع الجم، ولا غرابة في ذلك لأنه من أسرة آل مبارك المشهورة بحسن التربية لأبنائها. ومما تميز به الهمة العالية والنشاط المنقطع النظير في التواصل مع إخوانه أبناء إندونيسيا. فخلال عمله تجول في أغلب جزر إندونيسيا ولمرات عدة، زار الجامعات والمعاهد والمؤسسات الإسلامية والتقى بمسؤوليها. فكان مرآة ناصعة لاهتمام ولاة أمرنا بهم فكانوا يقدمون له الطلبات المتنوعة والكثيرة والتي لا يستطيع تحقيقها إلا النوادر من ذوي الهمم العالية فيتلقاها بصدر رحب وواسع، بل كثيرا ما يبارد هو لوعدهم بالمساعدات وإتاحة فرصة العمرة أو الحج. فكنت أتعجب كيف يستطيع ذلك لكنه صدق الله فصدقه المولى جل وعلا. فلم يخرج من إندونيسيا حتى حققها جميعا، وعلى يديه أنشئت المراكز العديدة في إندونيسيا وخاصة في المناطق النائية كمراكز تعليم اللغة العربية ببعض الجامعات الكبرى والمراكز التعليمية في سومطرة وكالمنتان وبابوا وجاوة وغيرها كثير. وهو مع مشاغله وجولاته إلا أنه قريب من جميع منسوبي السفارة السعودية والمكاتب التابعة لها، قريب أيضا من السياح السعوديين يبذل قصارى جهده لراحتهم وإدخال الأنس على قلوبهم، له الجلسات الأسبوعية المفتوحة. فلأجل ذلك وغيره كثير أحبه وقدره مسؤولو الدولة التي يعمل بها كما أحبه العاملون بالحقل الإسلامي فيها وقبلهم أحبه زملاؤه وإخوانه السعوديون، فكان نعم الموجه والقائد الفذ. نعم ودع إندونيسيا لكن بصماته باقية وأعماله الجليلة شاهدة له بإذن الله لا تكاد تزور منطقة إلا وله أثر فيها. فكان يوم وداعه مهيبا لكن لم أشرف بحضوره لأنه صادف موعد افتتاح لمركز في جزرة بابوا تلك المنطقة المهمة وشبه المهملة من العاملين بالحقل الإسلامي، وذلك على شرف معالي وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا. فأصحبت حائرا بين حضور الحفل الذي يبعد أكثر من أربع ساعات بالطائرة إضافة لساعتين بالبحر أم أحضر الوداع عرضت الحيرة على أنظاره فكان جوابه حاسما: حضورك للحفل أهم وهو الأصل وكلنا أتينا لنعمل فقط لأجل خدمة إخواننا المسلمين، وهذا الذي يطلبه منا ولاة أمرنا. أما اللقاء فالأيام القادمة بإذن الله سنجعلنا نلتقي بالمملكة. بمثل هذا الرأي الثابت والحس المرهف استطاع أن ينجح بعمله وأن يدفع بالمزيد لمكانة وسمعة بلادنا لدى إخوانها المسلمين في أكبر بلاد العالم الإسلامي.
- الملحق الديني السعودي في جاكرتا